جهلا مركبا، و لا يتناوله التفسير فلا يكون جامعا، و قد يفسر بملاحظة
المعقول لتحصيل المجهول، و يراد بالمعقول الحاصل عند العقل، واحدا كان أو أكثر
تصورا كان أو تصديقا، علما كان[1] أو ظنا أو جهلا مركبا، فلا يفتقر إلى شيء من التكلفات السابقة. و
في كلام الإمام أن نظر البصيرة أشبه بنظر البصر، فكما أن من يريد إدراك شيء ببصره
يقطع نظره عن سائر الأشياء و يحرك حدقته من جانب إلى جانب إلى أن يقع في مقابله
ذلك الشيء فيبصره. كذلك من يريد إدراك شيء ببصيرته يقطع نظره عن سائر الأشياء و
يحرك حدقة عقله من شيء إلى شيء إلى أن يحصل له العلوم المرتبة المؤدية إلى ذلك
المطلوب.
فمن هاهنا يقال: النظر
تجريد الذهن عن الغفلات، بمعنى إخلائه عن الصوارف و الشواغل العائقة عن إشراق
النظر الإلهي، الموجب لفيضان المطلوب، أو تحديق العقل نحو المعقولات طلبا[2] لما بعده لفيضان المطلوب عليه، و لما
كان امتياز النظر عن سائر حركات النفس بالغاية في غاية الظهور، حتى إن شيئا من
تفاسيره لا تخلو عن إشارة إليها، ذهب المتكلمون إلى أنه الفكر الذي يطلب به علم أو
ظن، و المراد بالفكر حركة النفس في المعاني، و احترز بقيد المعاني عن التخيل على
ما قال في شرح الإشارات: إن الفكر قد يطلق على حركة النفس بالقوة، التي آلتها مقدم
البطن الأوسط[3] في الدماغ، أي حركة كانت إذا كانت تلك
الحركة في المعقولات، و أما إذا كانت في المحسوسات فقد تسمى تخيلا فما وقع في
المواقف أن المراد به الحركات[4] التخييلية ليس كما ينبغي، و الصواب ما ذكر في شرح الأصول: إنه
انتقال
[1] سقط من (ب) لفظ(كان).
[2] في (ب) طالبا لمابعده.
[3] في (ب) «من» بدلامن (في).
[4] عبارة صاحبالمواقف: المراد بالفكر هاهنا هو الحركات التخيلية أي الذهنية لا العينيةالمحسوسة، فلا يكون منافيا لما قيل من أن حركة الذهن إذا كانت في المعقولات فكرا،و إذا كانت في المحسوسات تسمى تخيلا. (راجع المواقف ج 1 ص194).