نام کتاب : التسميات بين التسامح العلويّ والتوظيف الأمويّ نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 1 صفحه : 453
صار (خليفة) أراد أن يشبع نهمه من الإبل ، فراح يجرّد خصومه من الإبل ، وكانت الحروب المسمّاة بـ (حروب الردة) حرب أموال مدارها الإبل ، إذ لم نعهد ولم نقرأ ولم نَرَ أبا بكر يحارب أحداً على منعه زكاة النقدين ، أو الغلات الأربع ، أو حتى البقر والأغنام ، بل انحصرت حروبه بـ (دعاوي إبليّة) أو قل (فصيلية) أو (خلالية) ، ولذلك راح مناوؤه يشيرون إلى ذلك ويصرّحون بكل وضوح بأنّ الحرب معهم ليست دينية زكويّة ، و إنما هي من أجل الإبل ، تجريداً لهم عن مصادر القوّة آنذاك ، و إشباعاً لنهمه .
و إذا أردت التأكّد من ذلك فانظر إلى تأكيد أبي بكر على (عقال بعير) دون البواقي ، واقرأ معي ما فعله زياد بن لبيد عامل أبي بكر على صدقات حضرموت :
فقد أخذ يوماً من الأيام ناقة من إبل الصدقة فوسمها وسرّحها مع الإبل التي يريد أن يوجّه بها إلى أبي بكر ، وكانت هذه الناقة لفتىً من كندة يقال له زيد بن معاوية القشيري ، فأقبل إلى رجل من سادات كندة يقال له حارثة بن سراقة ، فقال له : يابن عم ، إنّ زياد بن لبيد قد أخذ ناقة لي فوسمها وجعلها في إبل الصدقة ، وأنا مشغوف بها ، فإن رايت أن تكلمه فيها فلعله أن يطلقها ويأخذ غيرها من إبلي ، فإني لست أمنع عليه .
فأقبل حارثة بن سراقة إلى زياد بن لبيد ... فكلمه وأبى زياد وشبّت الحرب واستعرت ، وكان فيما قاله حارثة بن سراقة : نحن إنّما اطعنا رسول الله إذ كان حياً ، ولو قام رجل من أهل بيته لأطعناه ، وأ مّا ابن أبي قحافة فماله طاعة في رقابنا ولا بيعة[1] .
فهؤلاء لم يكونوا مانعين للزكاة ، بل استاءُوا من جَشَعَ أبي بكر وعماله ، وطمعه في إبلِهم ، خصوصاً وأ نّهم كانوا قد رأوا كيف كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يأخذ منهم الصدقات والزكوات بكلّ رقة ولطف ، بحيث كان المسلمون يعطون ذلك
[1] انظر تفصيل القضية في كتاب الردة للواقدي : 169 ـ 171 .
نام کتاب : التسميات بين التسامح العلويّ والتوظيف الأمويّ نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 1 صفحه : 453