وإذا كانت هذه الآية نازلة على رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
، عندما احترق قلبُه على عمّه سيّد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب ، الذي بقروا بطنه ،
وأكلوا كبده ، وقطعوا مذاكيره ، اغتاظ رسول الله عندما رأى عمّه على تلك الحال
وقال : « لئن مكّنني الله منهم لأمثلنّ بسبعين »[١] فنزلت عليه الآية فقال : « صبرتُ يا
ربّ ». وعفى عن وحشي قاتل عمّه ، وهند التي مثلّت بجسده الطّاهر وأكلت كبده ، وهذا
هو خُلق النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وممّا يدلّك على فظاعة الرواية ، وأن
الرّاوي نفسه استفظعها فأردف يقول : قال قتادة : فحدّثني محمّد بن سيرين أنّ ذلك
كان قبل أن تنزل الحدود[٢]
، ليبرّر فعل النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
بذلك ، فحاشى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
أن يحكم
[٢] وأضافوا : « انّ
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
لما قطع الذين سرقوا لقاحه وسمل أعينهم بالنار عاتبه الله في ذلك فأنزل : (إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ
يُحَارِبُونَ اللّهَ ...) ( نيل الأوطار للشوكاني ٧ : ٣٣١ ).
واعترض في كشف الجاني : ١٣٧
على المؤلّف بأنّ مسلماً روى في صحيحه أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فعل ذلك لأنّهم
فعلوا براعيه ذلك.
وهذا الاعتراض غير صحيح; لأن
الله سبحانه وتعالى وصف نبيّه بأنّه على خلق عظيم ، وأنّه رؤوف رحيم وهو في مكة في
بدايات البعثة ، فكيف يأتي ويعاقب هذه المعاقبة الشنيعة عدّة أشخاص; لأنّهم قتلوا
شخصاً واحداً؟ فأين رأفته وأين رحمته؟!
وكذلك استدلّ بآية : (إنَّمَا
جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ
فَسَاداً أنْ يُقَتَّلُوا أوْ يُصَلَّبُوا ..) على جواز فعل
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.