أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الطبّ من
جزئه السابع في باب الدّواء بألبان الإبل ، وفي باب الدَّواء بأبوال الإبل. قال :
حدّثنا ثابتُ عن أنس : أنّ ناساً كان بهم سقمٌ قالوا : يا رسول الله آوِنا وأطعمنا
، فأمرهم النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
أن يلْحَقُوا براعيه ، يعني الإبل فيشربوا من ألبانها وأبوالها ، فلحقوا براعيه
فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صلَحتْ أبدانُهُم ، فَقَتلُوا الرّاعِيَ وساقُوا
الإبل ، فبلغ ذلك النّبىُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
، فبعث في طلبهم فجيء بهم ، فقطع أيديَهُم وأرجلَهُم وسَمَرَ أعيُنَهُمْ ، فرأيت
الرّجُلَ منهم يكدِمُ الأرض بلسانه حتى يموت ».
هل يصدّق مسلمٌ أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي ينهى
عن المثلةِ ، يقوم هو بنفسه فيمثّل بهؤلاء القوم ، فيقطع أيديهم وأرجلهم ويسمر
أعينهم لأنهم قتلوا راعيه؟! ولو قال الراوي : بأنّ هؤلاء القوم مثّلوا بالرّاعي;
لكان للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
عذرٌ في المعاقبة بالمثل ، ولكن ذلك غير وارد ، وكيف يقتلهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويمثّل بهم
هذه المثلة ، بدون بحث وتحرِّ منهم حتّى يتبين من القاتل منهم فيقتله به؟!
ولعلّ البعض يقول بأنّهم شاركوا جميعاً
في قتله ، أفلم يكن في وسع الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
أن يعفوَ ويصفح عنهم لأنّهم مسلمون ، بدليل قولهم : يا رسول الله ، ألم يسمع رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
قول الله تعالى له : ( وَإنْ عَاقَبْتُمْ
فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ
لِلصَّابِرِينَ )[١].