فها هي عائشة ابنته تشهد عليه ، قالت : جمع
أبي الحديث عن رسول الله ، فكانتْ خمسمائة حديث ، فبات يتقلّب ، فقلت : يتقلّب
لشكوى أو لشيء بلغه ، فلما أصبح قال : أي بنيّة هلمّي الأحاديث التي عندك فجئته
بها ، فأحرقها ... الحديث[١].
عمر بن
الخطاب يتشدّد أكثر من صاحبه في الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويمنع النّاس من نقله
لقد رأينا سياسة أبي بكر في منع الحديث
، حتّى وصل به الأمر أن أحرق المجموعة التي جُمعت على عهده ، وهي خمسمائة حديث ، لئلا
تتفشّى عند الصّحابة وغيرهم من المسلمين الذين كانوا يتعطشون لمعرفة سنّة نبيّهم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ولما ولي عمر الخلافة بأمر من أبي بكر ،
كان عليه أن يتوخّى نفس السّياسة ولكن بأُسلوبه المعروف بالشدّة والغلظة ، فلم
يقتصر على حظر ومنع تدوين الحديث ونقله فحسب ، بل تهدّد وتوعّد وضرب أيضاً ، واستعمل
فرض الحصار هو الآخر.
روى ابن ماجة في سننه من الجزء الأول ، باب
التوقّي في الحديث. قال : عن قرظة بن كعب ، بعثنا عمر بن الخطاب إلى الكوفة ، وشيّعنا
فمشى معنا إلى موضع صرار ، فقال : أتدرون لم مشيتُ معكم؟ قال : قلنا لحقّ صُحبة
رسول الله ، ولحقِّ الأنصار ، قال : لكنّي مشيتُ معكم لحديث أردتُ أن
[١] كنز العمال ١٠ :
٢٨٥ ح ٢٩٤٦٠ ، تذكرة الحفاظ ١ : ٥.