احتجّت به عليه
فاطمة الزّهراء سيّدة نساء العالمين ، وتلتْ على مسامعه آياتٌ بيّنات محكمات من
كتاب الله الذي يُقرّ وراثة الأنبياء ، فلم يقبل بها ونسخها كلّها بحديث جاء به من
عنده لحاجة في نفسه!! وإذا كان يقول : إنَّكم تحدّثون عن رسول الله أحاديث تختلفون
فيها ، والنّاس بعدكم أشدّ اختلافاً ، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم
فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه. فلماذا لم يفعل
هو بما يَقول عندما اختلف مع بضعة المصطفى الصدّيقة الطّاهرة ، في حديث النّبي « نحن
معشر الانبياء لا نوّرث » ولم يحتكم معها إلى كتاب الله ، فيُحِلّ حلاله ويُحرّم
حرامه؟
والجواب معروف ، في تلك الحالة سوف تجد
كتاب الله ضدّه ، وسوف تنتصر عليه فاطمة في كلّ ما ادّعته ضدّه ، وإذا ما انتصرت
عليه يومها فسوف تحاججه بنصوص الخلافة على ابن عمّها ، وأنّى له عندئذ دفعها
وتكذيبها ، والله يقول بهذا الصدد : ( يَا أيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ
اللّهِ أنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ )[١].
نعم ، لكلّ ذلك ما كان أبو بكر ليرتاح
إذا ما بقيت أحاديث النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
متداولة بين النّاس ، يكتبونها ويحفظونها ويتناقلونها من بلد لآخر ومن قرية لأُخرى
، وفيها ما فيها من نصوص صريحة تتعارض والسّياسة التي قامت عليها دولته ، فلم يكن
أمامه حلاّ غير طمس الأحاديث وسترها بل ومحوها وحرقها.