صرمت حبالك بعد وصلك زينب # و الدهر فيه تغير و تقلّب
نشرت ذوائبها التي تزهو بها # سودا و رأسك كالثّغامة أشيب [1]
و استنفرت لما رأتك و طالما # كانت تحن إلى لقاك و ترغب
و كذاك وصل الغانيات فإنه # آل ببلقعة و برق خلّب [2]
فدع الصبا فلقد عداك زمانه # و ازهد فعمرك مر منه الأطيب
ذهب الشباب فما له من عودة # و أتى المشيب فأين منه المهرب
دع عنك ما قد كان في زمن الصبا # و اذكر ذنوبك و ابكها يا مذنب
و اذكر مناقشة الحساب فإنه # لا بد يحصي ما جنيت و يكتب
لم ينسه الملكان حين نسيته # بل أثبتاه و أنت لاه تلعب
و الروح فيك وديعة أودعتها # ستردها بالرغم منك و تسلب
و غرور دنياك التي تسعى لها # دار حقيقتها متاع يذهب
و الليل فاعلم و النهار كلاهما # أنفاسنا فيها تعد و تحسب
و جميع ما خلفته و جمعته # حقا يقينا بعد موتك ينهب
تبا لدار لا يدوم نعيمها # و مشيدها عما قليل يخرب
فاسمع هديت نصيحة أولاكها # برّ نصوح للأمور مجرب
صحب الزمان و أهله مستبصرا # و رأى الأمور بما تئوب و تعقب
لا تأمن الدهر الخئون فإنه # ما زال قدما للرجال يؤدب
و عواقب الأيام في غصاتها # مضض يذل له الأعز الأنجب
فعليك تقوى اللّه فالزمها تفز # إن التقي هو البهي الأهيب
و اعمل بطاعته تنل منه الرضا # إن المطيع له لديه مقرب
و اقنع ففي بعض القناعة راحة # و اليأس مما فات فهو المطلب
فإذا طمعت كسيت ثوب مذلة # فلقد كسي ثوب المذلة أشعب
و توق من غدر النساء خيانة # فجميعهن مكايد لك تنصب
لا تأمن الأنثى حياتك إنها # كالأفعوان يراع منه الأنيب [3]
لا تأمن الأنثى زمانك كله # يوما و لو حلفت يمينا تكذب
تغري بلين حديثها و كلامها # و إذا سطت فهي الصقيل الأشطب [4]
و ابدأ عدوّك بالتحية و لتكن # منه زمانك خائفا تترقب
و احذره إن لاقيته متبسما # فالليث يبدو نابه إذ يغضب
[1] الثّغامة: السحابة.
[2] الغانيات: النساء الحسناوات. آل: سراب. برق خلب: كاذب لا مطر فيه.
[3] أنيب: جمع ناب.
[4] الصقيل الأشطب: السيف القاطع.