و الشيخ لا يترك أخلاقه # حتى يوارى في ثرى رمسه [2]
إذا ارعوى عاد إلى جهله # كذا الضنى عاد إلى نكسه
و إنّ من أدبته في الصبا # كالعود يسقى الماء في غرسه
حتى تراه مورقا ناضرا # بعد الذي أبصرت من يبسه
قوله: و الشيخ لا يترك أخلاقه، البيت و الذي يليه، هما كانا سبب قتله و ذلك أنّ المهدي اتهمه بالزندقة و أمر بإحضاره، فلما خاطبه أعجبه كلامه، فخلى عنه، فلما ولّى رده، و قال له:
أ لست القائل و الشيخ لا يترك أخلاقه؟البيتين المتقدمين، قال: بلى يا أمير المؤمنين. قال: فأنت لا تترك أخلاقك، فأمر به فقتل و صلب على الجسر، و ذلك سنة سبع و تسعين و مائة و من محاسن شعره أيضا قوله [3] :
إذا لم تستطع شيئا فدعه # و جاوزه إلى ما تستطيع
و هو كقول ابن دريد:
من لم يقف عند انتهاء قدره # تقاصرت عنه فسيحات الخطا
و صالح هذا هو صاحب الفلسفة قتله المهدي على الزندقة. كان يعظ و يقص بالبصرة و حديثه يسير، و ليس بثقة. قيل: إنه رؤي في المنام، فقال إني وردت على رب لا تخفى عليه خافية، فاستقبلني برحمته و قال: قد علمت لراءتك مما قذفت به.
و قد أحسن بعض الشعراء في وصف القنديل حيث قال مشبها:
و قنديل كأنّ الضوء منه # محيا من هويت إذا تجلّى
أشار إلى الدجا بلسان أفعى # فشمر ذيله فرقا و ولّى
و الأفعوان هو الشجاع الأسود يواثب الإنسان و كنيته أبو حيان و أبو يحيى لأنه يعيش ألف سنة و ما أحسن قول بعضهم:
[1] الشعر لصالح بن عبد القدوس، راجع العقد الفريد: 2/436.