نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 212
يوسف و أبيه ما قالوا، و قد أنشدوا مع هذا الخبر شاهدا من الشعر على أن الحجاج و أباه كانا معلمين بالطائف.
ثم رجع بنا القول إلى الكلام الأول.
قالوا: أحق الناس بالرحمة عالم يجري عليه حكم جاهل.
قال: و كتب الحجاج إلى المهلب يعجله في حرب الأزارقة و يسمعه، فكتب إليه المهلب: «إن البلاء كل البلاء أن يكون الرأي لمن يملكه دون من يبصره» .
[خير الكلام الوسط]
و قال بعض الربانيين [1] من الأدباء، و أهل المعرفة من البلغاء ممن يكره التشادق و التعمّق، و يبغض الإغراق في القول، و التكلّف و الاجتلاب [2] ، و يعرف أكثر ادواء الكلام و دوائه، و ما يعتري المتكلم من الفتنة بحسن ما يقول، و ما يعرض للسامع من الافتتان بما يسمع، و الذي يورث الاقتدار من التهكم و التسلط، و الذي يمكن الحاذق و المطبوع من التمويه للمعاني، و الخلابة و حسن المنطق، فقال في بعض مواعظه: «أنذركم حسن الألفاظ، و حلاوة مخارج الكلام، فإن المعنى إذا اكتسى لفظا حسنا و أعاره البليغ مخرجا سهلا، و منحه المتكلم دلا متعشقا، صار في قلبك أحلى، و لصدرك أملا. و المعاني إذا كسيت الألفاظ الكريمة، و ألبست الأوصاف الرفيعة، تحولت في العيون عن مقادير صورها، و أربت على حقائق أقدارها، بقدر ما زينت، و حسب ما زخرفت. فقد صارت الألفاظ في معاني المعارض [3] ، و صارت المعاني في معنى