نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 213
الجواري. و القلب ضعيف، و سلطان الهوى قوي، و مدخل خدع الشيطان خفي» .
فاذكر هذا الباب و لا تنسه، و لا تفرّط فيه، فإن عمر بن الخطاب رحمه اللّه لم يقل للأحنف بن قيس-بعد أن احتبسه حولا مجرّما، [1] ليستكثر منه، و ليبالغ في تصفح حاله و التنقير عن شأنه-: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد كان خوّفنا كل منافق عليم، و قد خفت أن تكون منهم» إلا لما كان راعه من حسن منطقه، و مال إليه لما رأى من رفقه و قلة تكلّفه، و لذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
«» إن من البيان لسحرا» -و قال عمر بن عبد العزيز لرجل أحسن في طلب حاجة و تأتى لها بكلام وجيز، و منطق حسن: «هذا و اللّه السحر الاحلال» . و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا خلابة» .
فالقصد في ذلك أن تجتنب السوقي و الوحشي، و لا تجعل همك في تهذيب الألفاظ، و شغلك في التخلص إلى غرائب المعاني. و في الاقتصاد بلاغ، و في التوسط مجانبة للوعورة، و خروج من سبيل من لا يحاسب نفسه.
و قد قال الشاعر:
عليك بأوساط الأمور فإنها # نجاة و لا تركب ذلولا و لا صعبا
و قال الآخر:
لا تذهبنّ في الأمور فرطا # لا تسألنّ إن سألت شططا
و كن من الناس جميعا وسطا
و ليكن كلامك ما بين المقصر و الغالي، فإنك تسلم من المحنة عند العلماء، و من فتنة الشيطان.
و قال أعرابي للحسن: علمني دينا و سوطا، لا ذاهبا شطوطا، و لا هابطا هبوطا. فقال له الحسن: لئن قلت ذاك إن خير الأمور أوساطها.