نام کتاب : أسرار العربيّة نویسنده : ابن الأنباري جلد : 1 صفحه : 119
الباب الثّامن عشر
باب ما
[علّة إعمال ما الحجازيّة]
إن قال قائل :
لم عملت «ما» في لغة أهل الحجاز ، فرفعت الاسم ، ونصبت الخبر؟ قيل : لأنّ «ما» أشبهت
«ليس» ووجه الشّبه بينهما من وجهين ؛
أحدهما : أنّ «ما»
تنفي الحال ، كما أنّ «ليس» تنفي الحال.
والوجه الثّاني
: أنّ «ما» تدخل على المبتدأ والخبر ، كما أنّ «ليس» تدخل على المبتدأ والخبر ؛
ويقوّي هذه المشابهة بينهما دخول الباء في خبرها ، كما تدخل في خبر «ليس» (فإذا
ثبت أنّها أشبهت «ليس») [١] فوجب أن تعمل عملها ، فترفع الاسم ، وتنصب الخبر ، وهي
لغة القرآن ؛ قال الله تعالى : (ما هذا بَشَراً)[٢] ، وذهب الكوفيّون إلى أن الخبر منصوب بحذف حرف الجرّ ،
وهذا فاسد ؛ لأنّ حذف حرف الجرّ ، لا يوجب النّصب ؛ لأنّه لو كان حذف حرف الجرّ ،
يوجب النّصب ؛ لكان ينبغي أن يكون ذلك في كلّ موضع ، ولا خلاف أنّ كثيرا من
الأسماء يحذف منها حرف الجرّ ولا تنتصب [٣] بحذفه ؛ كقوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ
وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً)[٤] ، ولو حذف حرف الجرّ ؛ لكان : وكفى الله وليّا ، وكفى
الله نصيرا / بالرّفع / [٥] كقول الشّاعر [٦] : [الطّويل]
[٦] الشّاعر هو :
سحيم عبد بني الحسحاس كان عبدا نوبيّا ، فاشتراه بنو الحسحاس ، فنشأ فيهم ، رآه
النّبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وكان يعجب بشعره ، قتله سيّده ، وقيل بنو
الحسحاس ؛ لتشبيبه بنسائهم سنة ٤٠ ه.
موطن الشّاهد : (كفى الشّيب).
وجه الاستشهاد : سقوط الباء من فاعل «كفى»
فدلّ ذلك على أنّ هذه الباء ، ليست واجبة الدّخول على فاعل هذا الفعل.
نام کتاب : أسرار العربيّة نویسنده : ابن الأنباري جلد : 1 صفحه : 119