و خزائن الخلفاء مثل اعتقادهم. و من المشهور عنهم أنه لم يكن لخالد بن برمك صنيعة و لا متحرم إلّا بنى له دارا على قدر كفايته ثم وقف على أولاده ما يعينهم أبدا. و لم يكن لأحد منهم إلّا من جارية وهبها له.
و من أهل خراسان القحاطبة و علي بن هشام و عبد اللّه بن طاهر، و خبّر عنه بعض قوّاده أنه فرّق في مقام واحد ألف ألف دينار. و هذا يكثر أن يملك فضلا عن أن يوهب.
و أخبار البرامكة و هؤلاء الذين ذكرنا بعدهم فأكثر من أن تلحق أو تعدّ أو توصف [1].
و ممن سخت حاله و سمحت نفسه مما ملك، عبد اللّه بن المبارك [156 ب] كان يفرق ماله على إخوانه و يؤثرهم بذخائره و يكسوهم الثياب المرتفعة و يحملهم على الدواب الفرهة و يلبس هو ثوبا بعشرة دراهم، و يعطي صاحب الحمّام دينارا و للحمامي دينارا.
فأمّا الأمة التي سبق أوّلها و عفا آخرها فأهل فارس. كانوا في سالف الدهر أعظم الأمم ملكا، و أكثرهم أموالا، و أشدهم شوكة. و كانت الملوك في جميع الأطراف و الأقاليم تعترف لهم بذلك، و تعظم ملكهم رتغتنم منه أن يهاديهم.
و كانت العرب تدعوهم الأحرار و بني الأحرار، لأنهم كانوا يسبّون و لا يسبّون و يستخدمون و لا يستخدمون. ثم أتى اللّه بالإسلام فكانوا كنار خمدت و كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، فتبدد جمعهم و مجت [2] قلوبهم، و مزقوا كل ممزّق، فلم يبق في الإسلام منهم نبيه يذكر و لا شريف يشهر إلّا أن يكون عبد اللّه بن المقفع و الفضل بن سهل.
و أهل خراسان دخلوا في الإسلام رغبة و طوعا، ثم هم أحسن الناس تقية