نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 406
فقال اللَّه تعالى: يا أرميا، من عصاني فلا يستنكر نقمتي، فإنّي إنما أكرمت هؤلاء القوم على طاعتي، و لو أنهم عصوني لأنزلتهم دار العاصين إلا أن تداركهم رحمتي.
قال أرميا: يا رب اتخذت إبراهيم خليلا و حفظتنا به، و موسى نجيا فنسألك أن تحفظنا و لا تسلط علينا عدونا، فأوحى اللَّه تعالى إليه: يا أرميا إني قدستك في بطن أمك و أخرتك إلى هذا اليوم، فلو أن قومك حفظوا اليتامى و الأرامل/ و المساكين و ابن السبيل، و كنت الداعم لهم، و كانوا عندي بمنزلة جنة ناعم شجرها طامر، لا يغور ماؤها، و لا يبور ثمرها، إني كنت لهم بمنزلة الراعي الشفيق، أجنبهم كل قحط و كل عزة، و اتبع بهم الخصب حتى صاروا كباشا ينطح بعضها بعضا.
فيا ويلهم ثم يا ويلهم إنما أكرم من أكرمني، و أهين من هان عليه أمري إن من كان قبل هؤلاء القوم من القرون يستخفون بمعصيتي، و إن هؤلاء القوم يظهرون معصيتي في المساجد و الأسواق و على رءوس الجبال، و ظلال الأشجار حتى عجت السماء إليّ منها، و الأرض و الجبال، و نفرت منها الوحوش، في كل ذلك ينتهون و لا ينتفعون بما علموا من الكتاب.
قال: فلما بلغهم أرميا رسالة ربهم و سمعوا ما فيها من الوعيد عصوه و كذبوه، و قالوا: أعظمت على اللَّه الفرية، و تزعم أن اللَّه معطل أرضه و مساجده من كتابه و عباده و توحيده، فمن يعبده حين لا يبقى له في الأرض عابد و لا مسجد و لا كتاب، لقد أعظمت الفرية، و اعتراك الجنون.
فأخذوه و قيدوه و سجنوه، فعند ذلك بعث اللَّه عز و جل عليهم نصر.
لما ولي لهراسب و تمكن ملكه بعث نصر، و هو رجل من الأعاجم، فأتى دمشق و صالح أهلها، و وجه قائدا له، فأتى بيت المقدس فصالح ملك بني إسرائيل، و أخذ منه رهائن و انصرف. فلما بلغ طبرية وثب بنو إسرائيل على ملكهم، فقالوا: داهنت
[1] ما بين المعقوفتين: مكانه بياض في الأصل، و ما أوردناه من المختصر.
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 406