وأ مّا ما في تقريرات بعض محقّقي العصر(رحمه الله) من قياس مقدّمات الحرام بالواجب ، بتقريب : أنّ مقوّم الحرمة هو مبغوضية الوجود ، كما أنّ مقوّم الوجوب محبوبيته ، ومقتضاه سراية البغض إلى علّة الفعل المبغوض ، فيكون كلّ جزء من أجزاء العلّة التوأم مع وجود سائر الأجزاء بنحو القضية الحينية مبغوضاً بالبغض التبعي وحراماً بالحرمة الغيرية[ 1 ] .
فلا يخلو عن موارد للنظر :
أ مّا أوّلا : فلأنّ المبغوضية لايمكن أن تكون مقوّمة للحرمة ولا المحبوبية للوجوب ; لأ نّهما في الرتبة السابقة على الإرادة المتقدّمة على البعث والزجر المنتزع منهما الوجوب والحرمة . اللهمّ إلاّ أن يراد من المقوّمية أنّ الحبّ والبغض من مبادئ الوجوب والحرمة .
وثانياً : أنّ مبغوضية الفعل لا يمكن أن تكون منشأً لمبغوضية جميع المقدّمات ; لعدم المناط فيها على نحو العامّ الاستغراقي ; لأنّ البغض من شيء لايسري إلاّ إلى ما هو محقّق وجوده وناقض عدمه ، وغير الجزء الأخير من العلّة أو مجموع الأجزاء في غير المترتّبات لاينقض العدم .
فإن قلت : فليكن الأمر في مقدّمة الواجب كذلك ، فيقال : إنّ الحبّ لا يسري إلاّ إلى ما هو محقّق لوجود المحبوب وطارد لعدمه ، وهو ليس إلاّ الجزء الأخير من العلّة أو مجموع الأجزاء في العرضيات ، ولا معنى لـ «وجوب» سوى الجزء الأخير من أجزاء علل الواجب في الطوليات .
قلت : فرق واضح بين مقدّمة الواجب والحرام ; فإنّ الواجب لمّا كان