فإن قلت : إنّ مسألة الثواب والعقاب والإطاعة والعصيان من المسائل العرفية العقلائية ، فلا يفيد فيها التدقيقات الصناعية ، والعرف يرى آخر الأجزاء هو الإرادة التي لا يمكن التكليف بها .
قلت : كلاّ ، قد أخطأت الطريق ; فإنّ المسألة عقلية في المقام ; حيث إنّ البحث عمّا يجوز أن يكلّف به وما لايجوز ، ولو فرض كون موضوع العصيان والإطاعة عرفياً لابدّ حينئذ من إعمال الدقّة وتشخيص المتوسّطات بين الأفعال وإراداتها .
ثمّ إنّ شيخنا العلاّمة ـ أعلى الله مقامه ـ قد فصّل بين ما يكون العنوان بما هو مبغوضاً من دون تقييد بالاختيار ـ وإن كان له دخل في استحقاق العقاب ـ وبين ما يكون المبغوض الفعل الصادر عن إرادة واختيار :
ففي الأوّل تكون إحـدى المقدّمات لا بعينها محرّمـة ، إلاّ إذا وجـد ما عدا واحـدة منها ، فتحرم هـذه الباقية بعينها ، وفي الثاني لا يتّصف الأجـزاء الخارجيـة بالحرمـة ; لأنّ العلّـة التامّـة للحرام هي المجموع المركّب منها ومـن الإرادة ، ولايصـحّ إسناد الترك إلاّ إلى عـدم الإرادة ; لأ نّـه أسبق رتبة مـن سائر المقدّمات الخارجية[ 1 ] ، انتهى .
وفيه : أنّ إرادة الفعل لمّا لم تكن جزءً أخيراً للعلّة كما تقدّم ، بل الجزء الأخير فعل اختياري للنفس ، وهو كعلّة توليدية للفعل فلا محالة يكون هذا الجزء الأخير محرّماً على فرض الملازمة ; لعدم الواسطة بينه وبين المحرّم ; حتّى الإرادة .