وكيف كان فيرد على التقرير الأوّل : أ نّه إن كان حال الإيصال دخيلا في حصول الإرادة فلا محالة تكون قيداً للمتعلّق ; إذ لايعقل دخالته مع عدم أخذه شطراً أو شرطاً ; وإن لم يكن دخيلا فالموضوع ـ لا محالة ـ خلو عن هذه الحال ، فيصدق مع عدمه أيضاً ، وعلى أيّ تقدير لايستلزم المطلوب .
وإن شئت قلت : إنّ حال عدم انفكاك المقدّمات عن المطلوب إن لم تكن دخيلة في وجوب المقدّمة فيكون تعلّق الوجوب عليها في هذه الحالة من باب الاتّفاق لا الدخالة ، فلا يعقل رفع الوجوب عنها مع زوال تلك الحالة ; لأنّ تمام الموضوع للحكم هو نفس الذات ، فلا يعقل مع بقائه رفع الحكم ; وإن كانت دخيلة ، أيّ نحو فرض دخلها . فينطبق على ما اختاره صاحب «الفصول»(قدس سره) .
وبذلك يظهر النظر فيما أفاده بعض المحقّقين من التمسّك بحديث الحصّة ، وقد أوعزنا إلى بطلانه غير مرّة[ 1 ] ; لأنّ تحصّص الطبيعة وافتراقها عن سائر الحصص في الذهن أو الخارج لأجل انضمام قيود وحدود بها تصير متميّزة عن غيرها ، وإلاّ فهي باقية على إطلاقها ، والتوأمية إذا صارت موجبة لصيرورتها حصّة خاصّة تصير قيداً لها . وما ذكر ليس إلاّ تعويضاً للاسم .
فإن قلت : إنّ أفعال العقلاء وإراداتهم بما أ نّها معلّلة بالأغراض والغايات لها ضيق ذاتي بتبع الأغراض ; فالعلّة الغائية في وعاء التصوّر لها نحو دخالة في تضيّق الإرادة ; إذ لا يعقل تعلّق الإرادة بشيء أوسع ممّا قام به الغرض .
وهذا نظير الضيق في المعاليل التكوينية ; فإنّ للحرارة الخارجية نحو ضيق من جانب علّته لا على نحو التقييد ; لامتناع تقييد المعلول بوجود علّته في مرتبة