تساوي الأفراد في موضوعيتها للحكم إنّما يستفاد من نفس الإطلاق ، لا بمعنى كون الأفراد موضوعاً له ، بل إنّ الإطلاق يفيد كون العالم في «أكرم عالماً» تمام الموضوع ، وليس لشيء آخر دخل فيه ، وهو عين تساوي الأفراد في الحكم ; لكون تمام الموضوع متحقّقاً في كلّ واحد .
فنفس تعلّق الحكم كاف في إثبات الإطلاق البدلي ، ولكن نفس تعلّق الحكم لايكفي في السراية والشمول ; ولو بعد مقدّمات الحكمة ، فإنّ الظاهر أنّ المراد من السراية هو سراية الحكم إلى الأفراد بخصوصياتها ، والمفروض أنّ الحكم لايتجاوز عن موضوعه الذي هو نفس الطبيعة لا الأفراد ، إلاّ أن يكون الموضوع لفظ «كلّ» و«لام» التعريف .
فبان : أنّ ما يثبت بإطلاق كون الطبيعة تمام الموضوع ، وأ مّا أنّ الحكم لكلّ واحد بنحو الشمول فيحتاج إلى دليل آخر غير الإطلاق .
هذا كلّه في البدلي والشمولي في غير المقام .
وأ مّا في المقام : فلا نتصوّر لهما معنى محصّلا ، فلو فرضنا أنّ إطلاق الهيئة شمولي والمادّة بدلي ، ولكن الشمول في الهيئة يوجب كون إطلاق المادّة شمولياً أيضاً ; لأنّ معنى الشمول في الهيئة هو البعث على كلّ تقدير ، وتعلّق الإرادة على كلّ فرض ، وبعبارة ثانية : البعث على جميع التقادير ; بحيث يكون في كلّ تقدير إيجاب ووجوب ، ومعه كيف يمكن أن يكون إطلاق المادّة بدلياً ؟ إذ كيف تتعلّق إرادات وإيجابات في عرض واحد على فرد ما ؟
والحاصل : أ نّه يستكشف من تنظير المقام بالعامّ أنّ معنى الشمول هو البعث على كلّ التقادير ، ومعه لايحتفظ بدلية المادّة ; لعدم إمكان تعلّق الإرادات بنحو العرضية على فرد ما ، بلا تكثّر في المتعلّق .