التقسيم معنى محصّل ; لأنّ الدالّ على العموم الشمولي في الألفاظ هو لفظ «كلّ» و«اللام» وما أشبههما ، وما يدلّ على العموم البدلي هو «أيّ» الاستفهامية وغيره .
وقس عليه قولنا «أكرم عالماً» فالدالّ على وجوب واحد غير معيّن من الأفراد هو «التنوين» ، كما أنّ الدالّ على إجزاء كلّ واحد من الأفراد وتساويها في الحكم ، وأنّ الفقاهة ـ مثلا ـ لا خصوصية لها هو الإطلاق .
فتلخّص : أنّ ما يستفاد من دوالّ آخر لايجوز أن يجعل من مداليل الإطلاق . وظهر أنّ معنى الإطلاق في قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ البَيْعَ) هو كون البيع وحده ـ لا مع قيد آخر ـ تمام الموضوع فقط ، وأ مّا الشمول لو ثبت فيه فيحتاج إلى دالّ آخر غير الإطلاق . وقس عليه باب النواهي مميّزاً مدلول الإطلاق عن مدلول غيره .
ثمّ إنّه لو سلّمنا وجود البدلي والشمولي في الإطلاق ، لكن لا وجه لتقديم أحدهما على الآخر .
وما تقدّم عن بعض الأعاظم من أنّ تقييد الشمولي تصرّف في الدليل دون البدلي ، فإنّه باق على مفاده ; وإن رجع إليه القيد ، غاية الأمر : صارت دائرته مضيّقة ، من غرائب الكلام ; فإنّ التضييق لايصار إليها إلاّ بعد التقييد ، وهو عين التصرّف في الدليل المساوق مع رفع اليد عنه .
وبالجملة : إرجاع القيد إلى كلّ واحد يستلزم التصرّف فيه ـ ولو بالتضييق ـ ومعه كيف يصحّ أن يقال بأ نّه لو رجع إلى المادّة لايرفع اليد عن الدليل ؟
وأغرب منه ما ادّعاه ثانياً في ترجيح التقييد البدلي من أ نّه يحتاج إلى أمر زائد على مقدّمات الحكمة لإثبات تساوي الأفراد بخلاف الشمولي ; فإنّ نفس تعلّق النهي يكفي في السراية .
قلت : وفي كلا الادّعائين نظر ـ لو لم نقل : إنّ الأمر على عكسه ـ فإنّ