الأمر مختلف ، لايعقل إرجاع واحد منها إلى آخر ; فإنّ القيود المحصّلة لغرض المولى على نحو لولاها لما اتّصف بالمحبوبية ـ كما مرّ في نحو الصلاة في المسجد[ 1 ] ـ لا معنى لإرجاعها إلى الموضوع ، بل هي من قيود المتعلّق ; فإنّ الطبيعة المطلقة ليست مطلوبة حتّى تقع تحت دائرة الطلب .
كما أنّ القيود التي لا تنقدح الإرادة إلاّ عند وجودها ـ وإن كانت الطبيعة وافية للغرض ـ من قيود الهيئة أو الموضوع على اصطلاحه، لا من قيود المتعلّق ; إذ المفروض أ نّه لا دخل له في اتّصاف الموضوع بالمصلحة ، بل له دخل في ظهور الإرادة وانقداحها وتعلّق البعث ، كنزول الضيف على المولى ، على ما تقدّم توضيحه[ 2 ] .
فحينئذ سؤال الفرق بين الاستطاعة والزمان ـ على فرض كونه دخيلا في تحصيل الغرض واتّصافه بالصلاح ـ عجيب جدّاً ; إذ الاستطاعة من شرائط انقداح الإرادة ، فلا تقع تحت الطلب ، دون الثاني .
وظنّي : أنّ الذي أوقعه في الاشتباه هو تخيّل أنّ الأمر بالمقيّد أمر بنفس القيد ، فتخيّل : أنّ الشيء الخارج عن تحت الاختيار والحاصل بنفسه ـ كالوقت ـ كيف يكون واجباً ويقع تحت البعث[ 3 ] ؟
وقد مرّ : أنّ الأمر بالمقيّد ليس أمراً بنفس القيد ، وإلاّ لم يبق فرق بين الجزء والشرط ، بل أمر بالتقيّد ، وقد تقدّم أنّ البعث إلى الشيء لايتجاوز عمّا تعلّق به ، وذات القيد خارج والتقيّد داخل .