وأ مّا على الثاني ; أعني عدم دلالـة الهيئة إلاّ على البعث البحت ، وكـون لزوم الإيجاد جائياً من قبل العقل الحاكم بأنّ الماهية من حيث هي ليست مطلوبة ، فيكون الوجـود والإيجاد مـن اللوازم العقلية لتعلّق البعث بالطبيعة ، لا مدلولا للهيئـة والمادّة .
وعليه : يصحّ النزاع بناءً على تعلّق الأمر بالطبيعة لكن يكون عقلياً لا لغوياً ، وهو خلاف ظاهرهم من كونه لغوياً ، فلابدّ من إجراء النزاع على فرض تعلّق الأمر بالفرد لا الطبيعة حتّى يدفع به الإشكال . ولكن ـ مع ذلك ـ لايصير هذا البحث من تتمّة البحث الآتي ; لكون الجهات المبحوث عنها مختلفة .
الثالث : في إتيان الأفراد العرضية دفعة مع وحدة الأمر
إذا قلنا بتعلّق الأمر بالطبيعة ، وأوجد المكلّف عدّة أفراد دفعة واحدة فهل هو امتثال واحد ; لوحدة الأمر المقتضي لامتثال واحد ، أو امتثالات ; لكون الطبيعة تتكثّر بتكرّر الأفراد ; فكلّ واحد بما هو مصداق له امتثال مستقلّ ؟ وجهان :
اختار ثانيهما بعض السادة من الأكابر ; محتجّاً بأنّ الطبيعة متكثّرة بتكثّرها ، ولا يكون فردان أو أفراد منها موجودة بوجود واحد ; لأنّ المجموع ليس له وجود غير وجود الأفراد ، فكلّ فرد محقّق للطبيعة ، ولمّا كان المطلوب هو الطبيعة بلا تقيّد بالمرّة أو التكرار فحينئذ إذا أتى المكلّف بأفراد متعدّدة فقد أوجد المطلوب في ضمن كلّ فرد مستقلاّ ، فيكون كلٌّ امتثالا برأسه كما هو موجود بنفسه .
ونظير ذلك الواجب الكفائي ; حيث إنّ الأمر فيه متعلّق بنفس الطبيعة ، ويكون جميع المكلّفين مأمورين بإتيانها ، فمع إتيان واحد منهم يسقط الوجوب عن