نفس الطبيعة وفي الآخر هي مع قصد التقرّب . وبما أنّ الأمر لايكون محرّكاً إلاّ إلى نفس الطبيعة لا إلى غيرها فلابدّ وأن يكون مثل تلك القيود مورداً للبعث ، لو كانت دخيلة في الغرض .
وأ مّا ثالثاً : فلأنّ ما هو المعلول في كلتا العلّتين إنّما هو نفس الطبيعة ، لا مالاينطبق إلاّ على المقيّد ; إذ النار إنّما تحرق نفس القطن وتتعلّق بنفس الطبيعة ، والتقييد منتزع بعد التعلّق والإحراق .
والحاصل : أ نّه بتعلّق الإحراق بها يصير الطبيعة موصوفة بوصف أ نّها لايمكن أن تنطبق إلاّ على المقيّد ، لكن رتبة هذا القيد والوصف بعد تحقّق الإحراق ، ولا يمكن أن يصير موجباً لضيق الطبيعة المتعلّقة بالإحراق .
وقصارى الكلام : أنّ المادّة موضوعـة لنفس الطبيعة ; والهيئة دالّـة على البعث إليها . والذي قام به البيان هو ذات الطبيعة ، وانتزاع عناوين مـن تعلّق الأمـر عـن المأمور به لايوجب أمراً ، بل لايمكن وقوعها تحت الطلب ، ومعه لامعنى لوجوب إتيانها .
الرابع : في تحرير الأصل العملي في المقام
لا ريب في جريان البراءة العقلية على القول بإمكان الأخذ في المتعلّق ; إذ يصير قصد الأمر ـ حينئذ ـ كسائر القيود العرضية ، فيتحقّق موضوع البراءة الذي هو قبح العقاب بلا بيان .
وأ مّا على القول بامتناع الأخذ فربّما يؤخذ هنا بقاعدة الاشتغال عقلا ، مع تسليم جريان البراءة في الأقلّ والأكثر الارتباطيين ; قائلا بأنّ الشكّ في المقام في كيفية الخروج من عهدة التكليف المعلوم ثبوته ، فلا يكون العقاب على تركه عقاباً