أ مّا أوّلا : فلأنّ قياس التشريع بالتكوين قياس مع الفارق ; لأنّ المعلول في العلل التكوينية ـ خصوصاً في الفاعل الإلهي الذي هو العلّة الحقيقي ، لا الفاعل المادّي الذي هو في سلك المعدّات والعلل الإعدادية ـ إنّما هو ربط محض بعلّته لا شيئية له قبل تأثير علّته ، ففعليته ظلّ فعلية علّته ، وهذا بخلاف التشريع ; فإنّ تشخّص الإرادة التي تعدّ علّة تشريعية من تشخّص المراد ; إذ هي من ذوات الإضافة لايعقل تعلّقها بشيء مجهول ، وهكذا الأمر ; فإنّ المبعوث إليه في الأوامر يكون رتبته ـ تصوّراً ـ مقدّماً على البعث ، وقس عليهما نظائرهما .
وأولى منه بعدم التسليم : ما اختاره في باب تعدّد الأسباب ; فإنّ اقتضاء كلّ علّة تكوينية معلولا مستقلاّ إنّما هو لقضية إيجاب كلّ علّة مؤثّرة وجوداً آخر يكون معلولا ووجوداً ظلّياً له . وأ مّا الإرادة فلا معنى لتعلّقها بشيء واحد زماناً ومكاناً مرّتين ، بل لايقع الشيء الواحد تحت دائرة الإرادة إلاّ مرّة واحدة ، ولا تحت أمر تأسيسي متعدّد ; فإذن تكثّر الإرادة تابع لتكثّر المراد . وأ مّا المعلول التكويني فتكثّره تابع لتكثّر علّته . وأيضاً عدم انفكاك المعلول عن علّته إنّما هو لكون وجود العلّة التامّة كاف في تحقّقه ، فلا معنى للانفكاك . وأ مّا الإرادة فيمكن أن يتعلّق بأمر استقبالي وحالي ، فإثبات الفورية من هذه الجهة مخدوش أيضاً .
وأ مّا ثانياً : فلأنّ ما ذكره من المقدّمة الاُولى كاف في نقض مراده ; إذ الواجب هو ما وقع تحت دائرة الطلب ، والقيود المنتزعة من تعلّق الأمر بها لاتكون مأموراً بها إلاّ أن تؤخذ في المتعلّق ، كسائر القيود .
وبالجملة : أنّ الواجب التوصّلي والتعبّدي يشتركان في أ نّه إذا تعلّق الأمر بشيء ينتزع منه عنوان كونه مبعوثاً إليه ، ويفترقان في أنّ المطلوب في الأوّل هو