والحاصل : أنّ أجزاء الفرد وشرائطه هي ما يكون من كمالات الموجود ، ولامحالة تتّحد معه خارجاً ، وهذا لايتحقّق في الماهيات الاعتبارية ; لفقدان ما به الاتّحاد فيها إلاّ في عالم الاعتبار ، وهو موجب لصيرورة الأجزاء دخيلة في نفس الماهية ، لا في الفرد .
هذا ، ولكن يمكن دفع الإشكال بأن يقال : إنّ لبعض المركّبات غير الحقيقية هيئة خاصّة يكون المركّب متقوّماً بها ، كما عرفت في مقام تصوير الجامع[ 1 ] ، فالبيت والقصر حقيقتهما متقوّمة بهيئة ما لابشرط ، ولا تحقّق لهما في الخارج إلاّ بوجود موادّهما على وضع خاصّ .
فحينئذ نقول : كلّ ما له هيئة قائمة بأجزاء يكون حسن الهيئة وتفاضلها باعتبار التناسب الحاصل بين الأجزاء ، فالحُسن ـ أينما وجد ـ يكون مرهون التناسب ، فحسن الصوت والخطّ عبارة عن تناسب أجزائهما . فلا يقال للشعر : حَسنٌ إلاّ إذا تناسبت جمله ، ولا الدار ، إلاّ إذا تناسبت مرافقها وغرفاتها ، فربّما تكون غرفة في دار توجب حسنها لإيقاعها التناسب بين الأجزاء .
وكذلك الصلاة ; فإنّها ليست نفس الأجزاء بالأسر ، بل لها هيئة خاصّة لدى المتشرّعة ، زائدة على أجزائها ، فيمكن أن يكون تفاوت أفرادها في الفضيلة لأجل تفاوتها في المناسبة الموجودة بين أجزائها ; وإن كان درك هذا التناسب غير ممكن لنا . فلا يبعد أن يكون للقنوت دخالة في حسن الهيئة الصلاتية ، ويكون المصداق الذي وجد فيه أحسن صورة من فاقده ، مع خروجه عن الماهية رأساً . ولعلّك لو تأ مّلت في أشباه المقام ونظائره يسهّل لك تصديق ما ذكرنا .