الثاني زيد ، قوله «
ما ان تمسكتم به » ما الموصولة ،
والجملة الشرطية صلتها ، وإمساك الشيء التعلق به وحفظه ، قال تعالى : (
وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ ). واستمسك الشيء :
إذا تحرى الإمساك به ، ولهذا لما ذكر التمسك عقبه بالمتمسك به صريحا ، وهو الحبل
في قوله « كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض » ، وفيه تلويح الى معنى قوله
تعالى : ( وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ
أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ ). والتمسك بالعترة
: محبتهم والاهتداء بهديهم وسيرتهم.
وقوله «
انّي تارك فيكم » إشارة الى أنهما
بمنزلة التوأمين الخلفين عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وأنه يوصي الامة
بحسن المعاشرة معهما وايثار حقهما على أنفسهم ، كما يوصي الأب المشفق لأولاده.
ويعضده الحديث السابق في الفصل الاول « أذكركم
الله في أهل بيتي » ، كما يقول الأب
المشفق : الله الله في حق اولادي. ومعنى كون أحدهما أعظم من الآخر : ان القرآن
مؤساة للعترة ، وعليهم الاقتداء به ، وهم أولى الناس بالعمل بما فيه.
ولعل السرفي هذه
الوصية والاقتران بالقرآن إيجاب محبتهم ، لقوله تعالى ( قُلْ لا
أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) فانه تعالى جعل
شكر انعامه وإحسانه بالقرآن منوطا بمحبتهم على سبيل الحصر ، وكأنه صلّى الله عليه
وسلّم يوصي الامة بقيام الشكر وقيد تلك النعمة به ويحذرهم عن الكفران ، فمن قام
بالوصية وشكر تلك الصنيعة بحسن الخلافة بينهما لن يتفرقا ، فلا يفارقانه في مواطن
القيامة ومشاهدها حتى يردا الحوض فيشكرا صنيعه عند رسول الله ، فحينئذ هو بنفسه
يكافيه والله يجازيه الجزاء الأوفى ، ومن أضاع الوصية وكفر النعمة فحكمه بالعكس.
وعلى هذا التأويل
حسن موقع قوله «
أنظروا كيف تخلفوني فيهما » ، والنظر بمعنى التأمل والتفكر ، أي تفكروا واستعملوا الروية في استخلافى إياكم
، هل تكونون خلف صدق أو خلف سوء. وان استغربت قولي لا يفارقانه في مواقف الحشر حتى
يردا علي الحوض تمسكت بما ورد عن