والظاهر أنّ هذه الروايات ممّا لا ربط لها بما نحن بصدده ، لعدم التعويل عليها في مواردها ، وإنّما أوردناها تأييدا.
والعمدة هو ما عرفت من حكم العقل باستحقاق العقاب في الموارد المذكورة.
والخبير بمطاوي كلمات الأساطين يطّلع على أمثال ما ذكرنا ، فممّن تنبّه لمثل ما ذكرنا استاذ الكلّ في الكلّ [١] المحقّق السبزواري [٢] والسيّد العلاّمة بحر العلوم في المصابيح [٣].
ويستفاد ذلك من أصحابنا في الفروع الفقهيّة أيضا :
فمن جملتها : حكمهم بأنّ المرتدّ الفطري مأمور بالعبادات المشروطة صحّتها بالإسلام [٤] الغير الممكن في حقّه ـ بناء على عدم قبول توبته ـ إذ لا يعقل لذلك وجه إلاّ عقابه على تفويته التكليف على نفسه قبل مجيء زمان التكليف.
ومنها : حكمهم بعقاب الكافر على ترك قضاء عباداته [٥] مع أنّه غير ممكن في حقّه ، إذ هو مشروط بالإسلام ، فإمّا يراد امتثال التكليف بالقضاء بدون الإسلام أو مع الإسلام ، فعلى الأوّل فهو تكليف بما لا يطاق ، إذ التكليف بالشيء المشروط بدون الشرط تكليف بغير المقدور. وعلى الثاني لا يراد منه ، لأنّ المفروض أنّ « الإسلام يجبّ عمّا قبله » فعقابه على ترك مثل التكليف ليس إلاّ بواسطة تفويته التكليف على نفسه بإدخاله في الكفّار الممتنع في حقّهم أداء تكليف
[١] في ( ع ) و ( م ) : بدل « استاذ الكل في الكل » : « هو ». [٢] الذخيرة : ٥٤. [٣] مصابيح الأحكام ( مخطوط ) : ٢١١. [٤] المنتهى ( الحجرية ) ١ : ٤٢١ ، ومجمع الفائدة ٣ : ٢٠٢ ، والجواهر ٤١ : ٦٠٥ ـ ٦٠٦. [٥] انظر العدّة ١ : ١٩٠ ـ ١٩٢ ، والغنية ٢ : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، والمنتهى ٢ : ١٨٢ ـ ١٨٨ ، وتمهيد القواعد : ٧٦ ـ ٧٧ ، وعوائد الأيّام : ٢٨٢.