القضاء ، إذ لو كان مسلما صحّ منه الامتثال. وأمّا وجه صحّة الأمر بالقضاء فله محلّ آخر لعلّك تطّلع عليه.
ومنها : حكمهم بعقاب الجاهل المقصّر [١] ، سواء كان من جملة من يعلم إجمالا بوجود أحكام في الشريعة ولم يبذل جهده في تحصيلها ولا يبال بفوتها منه أو كان شاكّا صرفا ، فإنّ الظاهر منهم حكمهم بترتّب عقاب نفس التكاليف الواقعيّة.
نعم ، بعض أصحابنا ـ كالمحقّق الفيض [٢] وأمين الأخباريّة [٣] والمحدّث البحراني [٤] ـ ذهبوا إلى أنّ الكافر بالله مكلّف بالإيمان به ، وحين كفره بالله لا يكون مكلّفا بنبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، والمؤمن بالله مكلّف بالإيمان بالرسول ، والمؤمن بالرسول مكلّف بالإيمان بالإمامة ، والمكلّف بالإمامة مكلّف بالأحكام الفرعيّة.
واستندوا في ذلك إلى بعض الروايات ، وتعلّقوا بذيل التأويل في قوله تعالى بعد قوله : ( ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) ، ( لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ )[٥].
والمشهور أنّ الجاهل المقصّر معاقب. أمّا إذا لم يكن له علم إجمالي أيضا فظاهر أنّ عقابه بالامور الواقعيّة ليس إلاّ بواسطة تفويت التكليف في حقّهم. وأمّا
[١] لم نعثر عليه بعينه ، نعم يستفاد ذلك من حكم بعضهم بأنّ الجاهل المقصّر في حكم العامد ، كالمحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٣٦ ، والمحقّق النراقي في المستند ١٢ : ١٥٠ ، وما نسب الى المعروف من عدم معذوريّة الجاهل ، كما في الفصول : ٤٢٧ ، والقوانين ٢ : ١١١ ، والحدائق ١ : ٧٧. [٢] الوافي ٢ : ٨٢ ، وتفسير الصافي ٤ : ٣٥٢. [٣] الفوائد المدنيّة : ٢٢٦. [٤] الحدائق ٣ : ٣٩ ـ ٤٠. [٥] راجع العدة ١ : ١٩٢ ، ومعارج الاصول : ٧٦ ، ومبادئ الوصول : ١١٠ ، والمنتهى ٢ : ١٨٨ ، والآيات من سورة المدثّر : ٤٢ ـ ٤٤.