وثانياً : أنّ تلك الصورة نوع من العلم ، وقد عرفت أنّ الأشاعرة قد اعترفت بأنّ الكلام النفسي صفة اخرى في مقابل صفة العلم [١].
الثالث : لا ريب في أنّ الله تعالى متكلم ، وقد دلّت على ذلك عدّة من الآيات ، ولازم ذلك قيام المبدأ على ذاته قياماً وصفياً ، لا قيام الفعل بالفاعل ، وإلاّ لم يصح إطلاق المتكلم عليه ، ومن هنا لا يصح إطلاق النائم والقائم والمتحرك والساكن والذائق وما شاكل ذلك عليه تعالى ، مع أنّ مبادئ هذه الأوصاف قائمة بذاته قيام الفعل بالفاعل.
وإن شئت قلت : إنّ هذه الهيئات وما شاكلها لا تصدق على من قام عليه المبدأ قيام الفعل بالفاعل ، وإنّما تصدق على من قام عليه المبدأ قيام الصفة بالموصوف ، هذا من جهة.
ومن جهة اخرى : أنّ الذي دعا الأشاعرة إلى الالتزام بالكلام النفسي هو تصحيح متكلميته تعالى في مقابل بقية صفاته ، فانّ الكلام اللفظي حيث إنّه حادث لا يعقل قيامه بذاته تعالى قيام الصفة بالموصوف ، لاستحالة كون ذاته تعالى محلاً للحوادث.
فالنتيجة على ضوئهما : هي أنّ كلامه تعالى نفسي لا لفظي.
ولنأخذ بالمناقشة في هذا الدليل نقضاً وحلاً.
أمّا الأوّل : فلا ريب في أنّ الله تعالى متكلم بكلام لفظي ، وقد دلّت على ذلك عدّة من الآيات والروايات ، منها : قوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ