يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )[١] فانّ قوله (كُنْ فَيَكُونُ ) كلامه تعالى ، ومن هنا لا نظن أنّ الأشاعرة ينكرون ذلك ، بل قد تقدّم [٢] أنّهم معترفون به. وعليه فما هو المبرّر لهم في إطلاق المتكلم بالكلام اللفظي عليه تعالى هو المبرّر لنا.
وأمّا الثاني : فلأنّ المتكلم ليس مشتقاً اصطلاحياً ، لفرض عدم المبدأ له ، بل هو نظير هيئة اللابن والتامر والمتقمص والمتنعل والبقّال وما شاكل ذلك ، فانّ المبدأ فيها من أسماء الأعيان والذوات وهو اللبن والتمر والقميص والنعل والبقل ، ولكن باعتبار اتخاذ الشخص هذه الامور حرفةً وشغلاً ولازماً له صارت مربوطة به ، ولأجل هذا الارتباط صحّ إطلاق هذه الهيئات عليه.
نعم ، إنّها مشتقات جعلية باعتبار جعلية مبادئها ومصادرها ، والسبب في ذلك : أنّ الكلم ليس مصدراً للمتكلم ، لفرض أنّ معناه الجرح لا الكلام ، و « كلّم » ليس فعلاً ثلاثياً مجرداً له ليزاد عليه حرف فيصبح مزيداً فيه. وعليه فبطبيعة الحال يكون التكلم مصدراً جعلياً ، والكلام اسم مصدر كذلك ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ المبدأ الجعلي للمتكلم في هذا الحال لا يخلو من أحد أمرين : إمّا التكلم أو الكلام ، ولا ثالث لهما.
أمّا على الأوّل : فلا يرد عليه النقض بعدم صدق النائم والقائم والمتحرك وما شابه ذلك عليه تعالى ، مع أنّه موجد لمبادئها ، وذلك لأنّ التكلم من قبيل الأفعال دون الأوصاف ، والمبادئ في الهيئات المذكورة من قبيل الأوصاف دون الأفعال ، ولأجل الاختلاف في هذه النقطة تمتاز هيئة المتكلم عن هذه الهيئات ،