نام کتاب : متشابه القرآن نویسنده : القاضي عبد الجبار جلد : 1 صفحه : 42
ويدل على قولنا من وجه آخر ، وذلك لأن قوله : ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) تخصيص له بأنا نعبده دون غيره ، وذلك لا يصح إلا بأن يكون العبد مختارا لفعل على فعل ، لأنه « قد تقع العبادة [ على وجه الإلجاء ] [١] وإنما ينصرف الفعل إلى أن يكون عبادة لله عز وجل ، باختياره وبأمور تتعلق به ، وفى ذلك إبطال القول بأن هذه الأفعال لله عز وجل يخلقها فى العبد.
ويمكن أن يستدل على نحو ذلك بأمره تعالى لنا أن نستفتح القرآن وغيره بسم الله الرحمن الرحيم ، لأن ذلك هو استعانه به من حيث نستفتح بذكره الأمور التى نريدها ونعزم عليها ، والاستعانة به فى ذلك إنما تصح متى كنا المختارين للفعل ، العادلين عن غيره إليه ، ولذلك لا يصح أن نستعين بذكر اسمه على الأمور الضرورية التى يخلقها فينا.
فإن قيل : فهل يدل الظاهر على ما سأله القوم؟
قيل له : لا ؛ لأن الاستعانة تقتضى التماس المعونة من قبله ، ولا تدل على تفصيل المعونة ، وما يفعله عز وجل من الأمور المعينة على الطاعة أشياء كثيرة ، فمن أين أن المراد به القدرة دون غيرها؟! نحو الصحة والخواطر والدواعى والتنبيه!
وبعد ، فإن المراد به لو كانت القدرة لكان إنما يدل على أنها تتجدد ، ولا يدل على أنها مع الفعل ، وهذا مذهب كثير من أهل العدل [٢] ،
[١] عبارة الأصل : (قد تصح العبادة بالفعل كما يصح له) ولا تستقيم مع ما بعدها من التفريع ، ولعلها كما أثبت أقرب إلى الصواب ، وأقرب كذلك إلى ما يراه القاضى فى موضوع القدرة والاختيار. [٢] اختلف المعتزلة فى القدرة : هل تبقى أم لا؟ على مقالتين : فقال أكثرهم إنها تبقى ، وقال قائلون : ( لا تبقى وقتين ، وإنه يستحيل بقاؤها ، وإن الفعل يوجد فى الوقت الثانى بالقدرة المتقدمة المعدومة ، ولكن لا يجوز حدوثه مع العجز ، بل يخلق الله فى الوقت الثانى قدرة ... ) وهذا مذهب أبى القاسم البلخي وغيره من المعتزلة. انظر مقالات الإسلاميين :
١ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥.
نام کتاب : متشابه القرآن نویسنده : القاضي عبد الجبار جلد : 1 صفحه : 42