أمّا عن الأوّل : فبأنّ استحقاق الثواب على الفعل لا يمكن إلاّ أن يكون إطاعة ، ومن المعلوم عدم تحقّقها إلاّ مع الإختيار ؛ لعدم جواز تعلّق الأمر بالفعل الغير الأختياري حتى يكون الاتيان به إطاعة ، كما لا يجوز تعلّق النهي به حتى يكون الاتيان به معصية ، فاستحقاق الثواب كاستحقاق العقاب لا بدّ أن يكون على الفعل الاختياري.
بل قد يقال : إنّ الثواب من باب التفضّل أيضا يحتاج إلى فعل اختياري يكون محبوبا للمولى وإلاّ لم يكن معنى للتفضّل ؛ فانّه يوجب الترجيح بلا مرجح ، فالتفضل انّما هو بالنّسبة إلى مرتبة الثواب الذي يستحقّه العبد بواسطة الفعل الاختياري ، فالزيادة على المقدار الذي يستحقه العبد تكون تفضّلا.
ومن هنا يدفع ما يقال على ما ذكرنا في دفع الاشكال : بأنّ استحقاق الثواب لا يكون إلاّ على الاطاعة لا الثواب تفضّلا الذي يحتمل أن يكون المراد من الاختيارفتأمّل.
وأمّا عن الثاني : فبأنّ المقدار الزائد من الثواب انّما هو على اطاعة أوامر وجوب تحصيل الحكم النفس الأمري ، ويمكن فرض نوع إختيار فيه وإلاّ كان الأمر به قبيحا.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّه لا معنى لما دلّ على وجوب تحصيل الحكم الواقعي إلاّ تحصيل العلم به أو الظّن والمفروض مساوات المجتهدين فيه ، فتدبّر.