نام کتاب : الأمالي - ط دار الثقافة نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 0 صفحه : 11
عند الشيعة الإماميّة، و تقاطر عليه العلماء لحضور مجلسه حتّى
عدّ تلاميذه أكثر من ثلاثمائة من مختلف المذاهب الإسلامية، و قد منحه الخليفة
العباسيّ القائم بأمر اللّه (422- 467 ه) كرسيّ الكلام، و كان هذا الكرسيّ لا يعطى
إلّا للقليلين من كبار العلماء، و لرئيس علماء الوقت، و الظاهر أنّ تقدير الخليفة
العباسيّ للشيخ الطوسيّ أثار عليه حسد بعضهم فسعوا به لدى الخليفة القائم، و
اتّهموه بأنّه تناول الصحابة بما لا يليق بهم، و كان الشيخ المفيد أستاذ الشيخ
الطوسيّ، واحدا من أولئك الذين لفّقت حولهم مثل هذه التهمة، و كانت بغداد مسرحا
لأمثال هذه الفتن، و قد وجدت طريقها عام 447 ه عند دخول السلاجقة، و اشتدّ عنفها
عام 448 ه، فقد بلغت الفتن فيها ذروتها من العنف و القتل و الإحراق، و لم يسلم
الشيخ الطوسيّ من غوائلها، فقد كبست داره و نهبت و أحرقت، كما و أحرقت كتبه و
آثاره و دفاتره مرّات عديدة، و بمحضر من الناس، كما و أحرق كرسيّ التدريس الذي
منحه الخليفة القائم له، و نهبت أثاثه كذلك، و قتل أبو عبد اللّه الجلّاب على باب
داره و هو من كبار علماء الشيعة، و كانت الدولة العباسية آنذاك في ضعف و تدهور،
حيث فقدت هيبتها و سلطانها على النفوس، و أصبحت عاجزة عن إقرار النظام، ممّا جعل
بعض السلفيّين المتشدّدين الذين كانوا يفيدون من الخلاف و الفرقة بين عناصر
المجتمع، و آذاهم ما لمسوه من تقارب نسبيّ بين الطوائف المسلمة، فجنّدوا أنفسهم
لتعكير صفو الأمن، و أظهروا كلّ ما تكنّه نفوسهم من تعصّب ضدّ خصومهم في المذهب،
فاعتدوا على رجال العلم، و عرّضوا قسما مهما من التراث الإسلامي إلى الضياع،
بإحراقهم المعاهد و دور العلم.
و قد ألّف الشيخ الطوسيّ
في أثناء زعامته المطلقة للمذهب الإمامي كتاب (العدة) في أصول الفقه، و (المقدّمة
إلى علم الكلام) و (مصباح المتهجّد) و (المبسوط) و (النهاية) في الفقه، و (مسائل
الخلاف) في الفقه المقارن.
و هاجر الشيخ الطوسيّ
إلى النجف الأشرف سنة 448 ه، بعد فراره من بغداد أثناء الفتنة التي عصفت بها عند
دخول السلاجقة، و بقي فيها حتّى وفاته سنة 460 ه، و استمرّت أسرته فيها من بعده، و
لا يزال بيته قائما فيها حتّى الوقت الحاضر، بيد أنّه
نام کتاب : الأمالي - ط دار الثقافة نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 0 صفحه : 11