الثاني
: انّ مسؤولية إدارة المرور هي عبارة عن « وضع علائم للوظائف » التي ينبغي لسائقي
الشاحنات والناقلات الالتزام بها بغية تنظيم المرور ، وعملهم هذا أشبه بعمل الواضع
فليكن عمل المتقدمين من أهل اللغة كذلك.
الجهة الثانية :
وجود العلقة الذاتية بين الألفاظ ومعانيها
قد نقل عن غير واحد من أهل الأدب وجود
العلقة الذاتية بين الألفاظ والمعاني وذلك لصيانة عمل الواضع عن الترجيح بلا مرجح
، فانّ جعل لفظ في مقابل معنى فعل اختياري صادر من الإنسان الذي لا يرجِّح أحد
الطرفين إلاّ بمرجح وليس هو إلاّ وجود العلقة الذاتية.
يلاحظ
عليه : لو صحّ ذلك لزمت لغوية الوضع إذ تكون
دلالة اللفظ على المعنى أشبه بدلالة الدخان على النار ، أو دلالة السعال على وجع
الصدر. [١]
نعم يمكن تفسير القول بالعلقة الذاتية
بين اللفظ والمعنى بوجه آخر ، وهو أنّ التتبع يكشف عن أنّ الإنسان كان يسمِّي
الحيوانات بأصواتها كالهدهد ، والبوم ، والحمام ، والعصفور ، والهرة ، كما يستند
في حكاية الأفعال والحركات إلى أصواتها ، كالدق ، والدك ، والشق ، الكسر ، الصرير
، الدوي ، النهيق ، ولأجل ذلك ربّما يمكن أن يقال : إنّ كلّ إنسان بما هو مفطور
على إظهار ما في ضميره ، كان ينتخب لإبراز ما في ضميره ألفاظاً يرى بينها وبين
معانيها مناسبة خيالية أو وهمية كالمشابهة في الشكل والهيئة وغير ذلك من المناسبات
، فها هو لفظ الهيولى فانّه بمعنى « المادة الأُولى » لكن يستعمل العرف الخاص في
الموجود المَهيب ، لما يراه بين ذلك اللفظ والمعنى من مناسبة وهمية.