٣. انّ الالتزام بالتعهد في الوضع ، غير
لازم بل يكفي فيه مجرّد جعل اللفظ في مقابل المعنى بداعي الانتقال إليه عند
التكلّم كما هو الحال في سائر الدوال كالعلائم الرائجة لإدارة المرور.
وقد تفطن المحقّق الاصفهاني لما ذكرناه
من كون كيفية الدلالة والانتقال من اللفظ وسائر الدوال على نهج واحد بلا إشكال.
فقال : فليس من ناصب العلامة على رأس
الفرسخ إلاّ وضعه عليه بداعي الانتقال من رؤيته إليه ، من دون أيّ تعهّد منه. [٢]
نظرنا في حقيقة الوضع
والحقّ انّ الوضع [٣] عبارة عن تعيين الألفاظ في مقابل
المعاني فقط ، وأمّا التزام الواضع بأنّه متى أراد تفهيم المعنى ، يتكلّم بهذا
اللفظ فهو الغرض الداعي إلى ذلك الجعل ، والذي يدلّ على أنّ حقيقة الوضع لا تتجاوز
عن ذلك ، أمران :
الأوّل
: انّ وظيفة الأخصّائيين في اللغة العربية هي وضع الألفاظ بازاء المعاني ، فإذا
كانت هناك اصطلاحات علمية أو اجتماعية غير دارجة في اللغة العربية ، فانّ هؤلاء
الأخصّائيين يضعون بازائها ألفاظاً من اللغة العربية وبعد أن يتمّ الاتفاق عليها ،
يذاع أمرها فتستعمل.
فإذا كان عملهم لا يتجاوز إلاّ جعل
اللفظ بازاء المعنى فليكن كذلك عمل السائرين عبر الزمان من أهل اللغة.