ثالثتها- مسألة تعارض الضررين في حق شخصين أو شخص واحد و سيأتي حكمه في
التنبيه الآتي إنشاء اللّه، و لا دخل له بالمسألتين السابقتين، و من العجب ان
شيخنا العلامة الأنصاري قدس سره قد جمع في الفرائد بين هذه المسائل الثلاث في
عبارة واحدة كما عرفت؛ و لكنه (قده) فرق بينها في رسالته المطبوعة في ملحقات
المكاسب فعقد للمسألتين الأوليين التنبيه الرابع و لتعارض الضررين التنبيه السادس
من التنبيهات التي ذكرها.
و أعجب منه ما افاده «المحقق النائيني» في المقام حيث أورد على كلام الشيخ في
رسالته المذكورة بأنه لا وجه لعقد مسألة واحدة للجميع و ان الصواب جعل عنوان مسألة
تعارض الضررين عنوانا مستقلا و مسألة الإضرار بالغير كالولاية من قبل الجائر
عنوانا آخر.
أقول- كأنه زاغ بصره الشريف عن الأمر الرابع الذي ذكره الشيخ (قده) في تلك
الرسالة فإنه بعينه هو ما رامه. و على كل حال فلنرجع الى البحث عن المسألتين
الأوليين التين عقد لهما هذا التنبيه. ثمَّ لنبحث عن الثالثة في التنبيه الاتى
إنشاء اللّه فنقول و منه سبحانه نستمد التوفيق و العناية.
أما الإضرار بالغير لدفع الضرر عن النفس فهو أمر غير جائز بلا اشكال فلا يجوز
توجيه السيل الى دار الغير دفعا له عن داره، و لا إلقاء الغير عند السبع لصرفه عن
نفسه، و يدل عليه أدلة نفى الضرر لا سيما على المختار في معناها.
لا يقال- ان ترك الإضرار بالغير في مفروض البحث أيضا يشتمل على الضرر فكما ان
فعله مستلزم للضرر على الغير فكذلك تركه أيضا مستلزم للضرر على نفسه فهو داخل في
مسألة تعارض الضررين و لعل هذا هو الوجه في جعل الجميع مسألة واحدة لأنا نقول- ترك
الإضرار بالغير في مفروض البحث ليس في حد ذاته ضرريا و انما هو ترك للمانع عن
مقتضى الضرر، توضيحه: ان مقتضى الضرر في مفروض الكلام و هو توجه السيل أو السبع
مثلا- موجود بحسب أسبابه الطبيعية لا بسبب فعل المكلف و لكن يمكن خارجا دفع أثره
بتوجيهه نحو الغير و صرفه عن نفسه، فترك هذا انما هو