فالأصل الاولى في جميع هذه الاعمال هو الفساد ما لم يثبت خلافه.
و هل يجوز التمسك بحديث الرفع لإثبات أصل ثانوي على الصحة لأن المقام داخل في
قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم «و ما أكرهوا عليه و ما اضطروا اليه» قد يقال
انه كذلك و انه بناء على شمول الحديث للأحكام الوضعية ترتفع الجزئية و ما شاكلها
لصدق الاضطرار على موارد التقية بلا اشكال، بل صدق الإكراه عليها أيضا أحيانا.
و لكن الإنصاف انه محل للإيراد صغرى و كبرى:
اما الصغرى فلان عنوان الإكراه غير صادق هنا مطلقا، لأنه لا بد فيه من توعيد و
تخويف غير موجود في موارد التقية عادتا، لأن المأخوذ في مفهومها هو الاختفاء، و هو
لا يساعد الإكراه الذي يخالط العلم بالشيء.
و اما الاضطرار فهو مختص بالتقية الصادرة خوفا لا في أمثال التقية التحبيبى،
أو مثل تقية إبراهيم مقدمة لكسر الأصنام و إيقاظ عبدتها عن نومتهم، بما هو مذكور
في كتاب اللّه العزيز، و أمثالها. فهذا الدليل لو تمَّ لكان أخص من المدعى.
و اما الكبرى فهي متوقفة على شمول حديث الرفع للآثار الوضعية و عدم اختصاصه
برفع المؤاخذة، مضافا الى ان الجزئية و الشرطية- كما ذكر في محله- ليستا من
الأحكام الوضعية و كذا المانعية، بل هي انتزاعات عقلية عن الأمر بالجزء و الشرط و
ترك المانع فتدبر.
و العجب من العلامة الأنصاري قدس سره انه ذكر في رسالته هنا ان «الانصاف ظهور
الرواية في رفع المؤاخذة» فأسقط دلالتها على المطلوب.