و الروايات المذكورة سابقاً التي تثبت جواز التوسل بأشكاله المختلفة، هذه
الذرائع التي تشبه ذرائع الأطفال عند اختلافهم!
فتارة يقولون: إنّ الممنوع هو التوسل بذوات العظماء و الصالحين، و أمّا التوسل
بمعنى الدعاء و شفاعة هؤلاء فهو جائز.
و تارة يقولون: إنّ التوسل الجائز هو الذي يتحقق في حياتهم، و أمّا بعد وفاتهم
فغير جائز؛ لأنّ العلاقة بهم تنقطع بمجرّد انتقالهم من الدنيا، لأنّ القرآن المجيد
يقول: (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى*) [1]، و لكن هذه الإشكالات المتقطعة تبعث على الخجل في الواقع، و ذلك:
أولًا: إنّ الآيات القرآنيّة المرتبطة بجميع أنواع التوسل عامة، و بحكم العموم
أو الإطلاق فيها فالتوسل جائز، و لا يوجد أي تعارض مع «التوحيد في العبادة» و
«التوحيد الأفعالي»، فالقرآن المجيد يقول: (وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) [2]، و
قلنا: إنّ الوسيلة هي ما يتقرب به إلى الله، نعم أي أمر يمكن أن يقربكم إلى الله مثل:
دعاء النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله)، مقام النبي (صلى الله عليه و آله)، شخص
النبي (صلى الله عليه و آله)؛ و ذلك بسبب طاعته و عبوديته و عبادته لله سبحانه و
تعالى، و صفاته المقربة لله سبحانه و تعالى. فيطلب التقرب إلى الله بهذه الأمور، و
لا يوجد دليل على حصر الوسيلة بعمل الإنسان الصالح فقط، كما هو الحال في كلمات
الوهابيين.
و ما ذكرناه لا يتعارض مع التوحيد في العبادة؛ لأنّ المعبود هو الله سبحانه و
تعالى و ليس النبي (صلى الله عليه و آله)، و لا يتعارض مع التوحيد الأفعالي؛ لأنّ