و إذا تجاوزنا كياننا و خرجنا الى العالم الخارجي الكبير، وجدنا أنَّ لكل جهاز
فيه هدفاً، فلسطوع الشمس هدف، و لهطول المطر هدف، و لتركيب الهواء هدف، فهل يمكن
أنَّ لا يكون للمجموع أي هدف؟
الحقيقة هي إنَّ في قلب هذا العالم الفسيح لوحة كبيرة تعرض الهدف النهائي الذي
لا نستطيع رؤيته احياناً و لأوّل وهلة لعظمته. لقد كتب عليها «التربية و التكامل».
و الآن، بعد أنْ تعرفنا على هدف الخلق على وجه العموم، يدور الكلام حول ما إذا
كانت هذه الحياة المعدودة أيامها، و بكل ما فيها من مشكلات و حرمان و مصائب، هي
هدف الخلق؟
افرض أني عشت في هذه الدّنيا ستين سنة، و أنِّي أعمل كل يوم من الصباح حتى
المساء للحصول على القوت، و أعود الى البيت متعباً منهكاً، و تكون النتيجة أنّني
أستهلك بضعة أطنان من الطعام و الماء، و أتحمل العناء و التعب لُاشيّد داراً، ثمّ
بعد ذلك أترك كل شيء و أخرج من هذا العالم، فهل ترى هذا الهدف يستحق أنْ يستدعيني
الى هذا العالم المليء بالآلام و الشقاء؟
لو أنَّ مهندساً شيد عمارة عظيمة وسط الصحراء، و قضى سنوات طوالًا في تكميلها
و تنظيمها و تجهيزها بكل وسائل الراحة، فاذا سئل: ما الغاية من بنائك هذه العمارة؟
قال: كل هدفي هو أنْ يمر بها عابر سبيل و لو مرة و يستريح فيها ساعة أو بعض ساعة!