في الصفا و المروة درس في التضحية بكل غال و نفيس، حتى بالطفل الرضيع، من أجل
المبدأ و العقيدة.
السعي بينهما يعلمنا أن نعيش دائما أمل النجاح و الإنتصار، حتى في أشدّ لحظات
الشدّة، فهاجر بذلت سعيها و جاءها رزق اللّه من حيث لا تحتسب.
السعي بين الصفا و المروة يقول لنا: إن هاتين الشعيرتين كانتا يوما و كرا
لصنمين من أصنام العرب، و أصبحتا اليوم معلمين من معالم التوحيد بفضل جهاد رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم، من حق جبل الصفا أن يفخر و يقول: أنا أول
منطلق لدعوة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم، فحينما كانت مكة تغطّ في
ظلمات الشرك و بزغ من عندي فجر الهداية.
و اعلموا أيّها الساعون بين الصفا و المروة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
اله و سلّم صعد يوما على هذا الجبل ليدعو النّاس إلى اللّه، فلم يجبه أحد، و اليوم
فإن الآلاف المؤلفة تجيب الدعوة و تحج بيت اللّه على النهج المحمّدي الإبراهيمي. و
إنه لدرس لكم يعلمكم أن تسيروا على طريق الحقّ دونما يأس، و إن قلّ الناصر و
المجيب.
السعي بين الصفا و المروة يقول لنا: اعرفوا قدر نعمة هذا الدين و هذا المركز
التوحيدي، فثمة أفراد حفظوا الشريعة و شعائرها لنا بدمائهم على مرّ التاريخ.
من أجل إحياء كل تلك الأحاسيس و المشاعر في النفوس، أمر اللّه الحجيج أن يسعوا
سبع مرات بين الصفا و المروة.
أضف إلى ما تقدم أن السعي يقضي على كبر الإنسان و غروره، فلا أثر للتبختر و
التصنع في السعي، بل لا بدّ من قطع هذه المسافة ذهابا و مجيئا مع كافة النّاس، و
بنفس لباس النّاس، و بهرولة أحيانا!! و لذلك ورد في الروايات أن السعي إيقاظ
للمتكبرين.
على أية حال، بعد أن ذكرت الآية أن الصفا و المروة من شعائر اللّه، أكدت عدم
وجود جناح على من يطوّف بهما في الحج و العمرة، و الطواف بين الصفا و المروة هو
السعي بينهما، لأن الحركة التي يعود فيها الإنسان إلى حيث ابتدأ هي