و قسم يتجاوز إطار الألفاظ، و يتعمق في المعاني، و يدقّق في الموضوعات
القرآنية، و لكن لا يعمل بما يفهم! و قسم ثالث، و هو المؤمنون حقّا يقرءون القرآن
باعتباره كتاب عمل، و منهجا كاملا للحياة، و يعتبرون قراءة الألفاظ و التفكير في
المعاني و إدراك مفاهيم الآيات الكريمة مقدمة للعمل، و لذلك تصحو في نفوسهم روح
جديدة كلما قرءوا القرآن، و تتصاعد في داخلهم عزيمة و إرادة و استعداد جديد
للأعمال الصالحة، و هذه هي التلاوة الحقة.
ورد عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام في تفسير هذه الآية: «يرتّلون آياته، و يتفقّهون به، و يعملون بأحكامه، و يرجون
وعده، و يخافون وعيده، و يعتبرون بقصصه، و يأتمرون بأوامره، و ينتهون بنواهيه، ما
هو و اللّه حفظ آياته و درس حروفه، و تلاوة سوره و درس أعشاره و أخماسه [2]، حفظوا حروفه
و أضاعوا حدوده، و إنّما هو تدبّر آياته و العمل بأركانه، قال اللّه تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا
آياتِهِ[3].