ذلك أن كل آية في القرآن لا تنحصر بأسباب نزولها، بل ينبغي أن يؤخذ مفهومها
بشكل حكم عام، و ربما استخرج منها أحكام متعددة.
التّفسير
أينما تولّوا فثمّ وجه اللّه:
الآية السابقة تحدثت عن الظالمين الذين يمنعون مساجد اللّه أن يذكر فيها اسمه
و يسعون في خرابها، و هذه الآية تواصل موضوع الآية السابقة فتقول: وَ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَما
تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ.
تؤكد هذه الآية أن منع النّاس عن إحياء المساجد لا يقطع الطريق أمام عبودية
اللّه، فشرق هذا العالم و غربه للّه سبحانه، و أينما تولوا وجوهكم فاللّه موجود. و
تغيير القبلة تمّ لظروف خاصة، و ليس له علاقة بمكان وجود اللّه، فاللّه سبحانه و
تعالى لا يحده مكان، و لذلك تقول الآية بعد ذلك: إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ.
واضح أن المقصود بالمشرق و المغرب في الآية ليس هو الجهتين الخاصتين، بل هو
كناية عن كل الجهات. كأن يقول أحد مثلا: أعداء علي عليه السّلام سعوا للتغطية على
فضائله، لكن فضائله انتشرت في شرق العالم و غربه، (أي في كل العالم).
و لعل سبب شيوع استعمال الشرق و الغرب في الكلام أن الإنسان يتعرف أولا على
هاتين الجهتين، ثم يعرف بقية الجهات عن طريق هاتين الجهتين.
و في آية اخرى يقول القرآن الكريم: وَ
أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ
مَغارِبَهَا[1]