السجود إذن جاء مباشرة بعد نفخ الروح في الإنسان، و هذا المعنى جاء في الآية
72 من سورة (ص) [1].
ثمة دليل آخر على هذه المسألة هو أن استجابة الملائكة لأمر اللّه بالسجود، لو
كانت بعد اتضاح مكانة آدم، لما اعتبرت مفخرة للملائكة.
على أي حال، الآية المذكورة تقرير قرآني واضح صريح لشرف الإنسان و عظمة
مكانته. فكل الملائكة يؤمرون بالسجود له بعد اكتمال خلقته.
حقا، إن هذا الموجود، اللائق لخلافة اللّه على الأرض، و المؤهل لهذا الشوط
الكبير من التكامل و تربية أبناء عظام كالأنبياء و خاصة النّبي الخاتم صلّى اللّه
عليه و اله و سلّم، يستحق كل احترام.
نحن نشعر بالتعظيم و التكريم لمن حوى بعض العلوم و علم شيئا من القوانين و
المعادلات العلمية، فكيف حال الإنسان الأوّل مع كل تلك العلوم و المعارف الزاخرة
عن عالم الوجود؟!
بحثان
1- لماذا أبى إبليس؟
«الشّيطان» اسم جنس شامل للشيطان
الأوّل و لجميع الشّياطين. أمّا «إبليس» فاسم علم للشيطان الذي وسوس لآدم. و
إبليس- كما صرح القرآن- ما كان من جنس الملائكة و إن كان في صفوفهم، بل كان من
طائفة الجن، و هي مخلوقات مادية. قال تعالى: فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ[2].
[1]- إلى هذا أشار أيضا الآلوسي في
روح المعاني، و الفخر الرازي في التّفسير الكبير.