و مع هذا، الاستقراء الكامل في
كلمات أرباب الرجال- كما يأتي- يفيد الظنّ المتاخم للعلم، بل العلم بكون المقصود
بالوثاقة في «ثقة» هو المعنى اللغوي، أعني الاعتماد، و لم يقل أحد بدلالة «ثقة»
على الإماميّة، أو الضبط بالانفراد أو الاجتماع.
[أخذ
الضبط في «ثقة»]
نعم،
قال السيّد الداماد في الرواشح: «أمّا الضبط، و هو كون الراوي متحفّظا مستيقظا غير
مغفّل و لا ساه و لا شاكّ في حالتي التحمّل و الأداء فمتضمّن في الثقة»[1].
لكنّ
الظاهر أنّ المعنى الذي ذكره للضبط خارج عن[2]
المعنيين المذكورين للضبط، و مع هذا يأتي في كلّ من الضبط و الإماميّة و العدالة
ما يدلّ على عدم دلالة «ثقة» عليه، و مقتضاه عدم تجدّد الاصطلاح.
[الضبط
المعدود من شرائط حجّيّة الخبر الواحد]
و
بعد ذلك أقول[3]: إنّ الضبط
المعدود من شرائط حجّيّة خبر الواحد يكون المقصود به- كما ينصرح من جماعة[4]-
أن يكون الراوي ذكره[5] غالبا على
نسيانه،
[1] . الرواشح السماويّة: 117، الراشحة السادسة و
الثلاثون.
[3] . قوله:« و بعد ذلك أقول» إلى آخره، إنّما قدّمنا
الكلام في الضبط على الكلام في الإماميّة، و الكلام في الإماميّة على الكلام في
العدالة؛ لكون الكلام في الضبط أقلّ من الكلام في الإماميّة، و الكلام في
الإماميّة أقلّ من الكلام في العدالة، و تقديم الكلام في الأخفّ كمّا أو كيفا أوقع
في النفس و أليم بالطبيعة، بل هو المتعارف في التقرير و التحرير في عموم الفنون(
منه عفي عنه).
[4] . كالعراقي في ألفيّته، و شارحها السخاوي في فتح
المغيث 1: 279، و انظر قوانين الاصول 1: 462.
[5] . قوله:« ذكره» قد اشتهر في الناس أنّ الذكر
باللسان ضدّ الإنصات- بالكسر- و الذكر بالقلب ضد النسيان- بالضمّ- و هو المنقول عن
جماعة منهم الفرّاء و الكسائي، لكن مقتضى ما في القاموس و المجمع أنّ الذكر-
بالكسر- مطلقا، و هو المحكيّ عن بعض الأواخر في بيان صفات القاضي، و عن الماوردي
عن بعض: أنّ الكسرة و الضمّة لغتان لمعنى، و هو ظاهر المصباح، و المنقول في
المصباح عن جماعة منهم أبو عبيدة و ابن قتيبة، ففي المقام أقوال ثلاثة( منه عفي
عنه). انظر المصباح المنير 1: 208.