بشر لا نبرَّأ ... من
ضعف وميول ، وهوى ، وإن كنا في الوقت نفسه ، نأسف لما ضاع على المسلمين من جهود
وأتعاب ، وفرص لا تعوض ، وما يضيع على العلماء ، من صبر على البحث ، ودأب على
الدرس وثبات على التحقيق. كانت هذه الاتعاب جديرة بأن تؤتي أحسن الثمر ، لو برئ
الإنسان من شوائب الضعف البشري ... وهيهات ...
ومما لا شك فيه ، أن حرص الزهراء على
مصلحة المسلمين ، واجتماع كلمتهم ، وتفانيها في خدمة الرسالة المقدسة. مما جعلها
تذهب الى المهاجرين ، تخاطبهم بمنطقها البليغ ، الذي يشبه منطق الرسول (فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ
... ).
ثم تتوجه عليهاالسلام
، نحو الأنصار ... وتؤنبهم ، وقد اجتمعوا في المسجد الشريف حيث قالت :
يا معشر البقية ، وأعضاد الملة ، وحضنة
الإسلام ، ما هذه الفترة عن نصرتي ؟ والونية عن معونتي ، والغمزة في حقي ، والسنة
عن ظلامتي ، أما كان رسول الله (ص) يقول :
« المرء يحفظ في ولده » سرعان ما أحدثتم
، وعجلان ما أتيتم ، الآن مات رسول الله (ص) ، أمتم ... دينه ...!!
ها ان موته لعمري خطب جليل ، استوسع
وهنه ، واستبهم فتقه ، وفقد راتقه ، وبعد وقته ، وأظلمت الأرض له ، وخشعت الجبال ،
وأكدت الآمال ، وأضيع بعده الحريم ، وهتكت الحرمة ، وتلك نازلة أعلن عنها كتاب
الله قبل موته ، وأنبأكم بها قبل وفاته فقال :