أما
لو كنت عندنا بالمدينة لأريناك مواطن جبرئيل من دورنا ، استقانا الناس العلم ،
فتراهم علموا وجهلنا؟ [١].
ولنفس الهدف
السامي ، قاوم الإمام السجّاد عليهالسلام
الانحراف الفقهي الذي منيت به الاُمّة ، بالتزام الشريعة وأخذها من أناس تعلّموا
الفقه من طرق لا تتصل بمنابع الوحي الثرّة الصافية المأمونة.
فيقول عليهالسلام
: إن دين الله لا يصاب بالعقول الناقصة ، والآراء الباطلة ، والمقاييس الفاسدة ،
لا يصاب إلاّ بالتسليم.
فمن
سلّم لنا سَلِمَ ، ومن اقتدى بنا هُدِيَ ، ومن كان يعمل بالقياس والرأي هَلَك ،
ومن وَجَدَ في نفسه ـ مما نقوله ، أو نقضي به ـ حرجا ، كَفَرَ بالذي أنزل السبع
المثاني والقرآن العظيم ، وهو لا يعلم [٢].
وهكذا كان
شديد النكير على تلك البوادر المظلّلة ، وحارب بدعة تقليد غير أهل البيت عليهمالسلام من المذاهب المنسوبة الى البعداء عن
ينابيعه نسبيّا وحتى سببيّا ، أولئك الذين روّجت الحكومات والدول الظالمة فقههم ،
لأنهم كانوا مسالمين لهم ، ومنضوين تحت ظلالهم ، من المتّكئين على آرائك الخلافة
المزعومة.
وهذا الذي حذّر الرسول الأكرم منه في
أحاديث مستفيضة ، أوردنا نصوصها في كتاب « تدوين السنة الشريفة » وتحدّثنا عن
دلالتها [٣].
وقد تمكّن
الإمام زين العابدين عليهالسلام
من توضيح معالم فقه أهل البيت عليهمالسلام
وإرساء قواعده ، وإغناء معارفه ، وتزويد طلاّبه وتربيتهم ، حتى أقرّ كبار العلماء
بأنّه « الأفقه » من الجميع ، وفيهم عدّة من فقهاء البلاط ووعّاظ السلاطين :
قال أبو حازم : ما رأيت هاشميّا أفضل من
علي بن الحسين ، وما رأيت أحد كان أفقه منه [٤].