لكلّ ذي عقل بأنّه كان فاشلا و خاسرا في جميع الامور و
بالأخصّ في الخطّين الرئيسيين اللّذين يجب أن يتّصف بهما الحاكم المسلم؛ ألا و هي
خطّي السياسة، و الالتزام الديني.
و كان أبناء الامّة
آنذاك قد تلبّد إحساسهم و أخلدوا إلى سبات عميق، فهم همج رعاع ينعقون مع كلّ ناعق،
يميلون مع كلّ ريح، كما وصفهم أمير المؤمنين عليه السلام، و لو لا دم الحسين عليه
السلام لما تغيّر هذا الحال.
فالحسين الرمز، هو ذلك
الانسان الّذي عرف طريقه، فلم تلوه عنها نصائح المحبّين- كابن عبّاس-، و لا
تحذيرات المنافسين- كالحرّ بن يزيد الرياحي-، و لكن الحسين مضى، لأنّه مضاء ببرق
داخليّ، يعرفه هو، لينفّذ ما في الكتاب، كما يقول السيّد المسيح ...
رفض عروض الوليد بن
عاقبة والي يزيد على المدينة، و خرج إلى مكّة لليلتين بقيتا من شهر رجب سنة 60
للهجرة.
و خرج عليه السلام إلى
العراق في الثامن من ذي الحجة، و قتل رسوله إلى العراق مسلم بن عقيل بعد ذلك بيوم
واحد.
و بلغ عليه السلام مشارف
الكوفة، و كان والي يزيد عليها عبيد اللّه بن زياد، فأرسل ألف فارس بقيادة الحرّ
بن يزيد لاصطياد الحسين و من معه ... و التقى الركبان ...
و دار بين الامام الحسين
و بين الحرّ بن يزيد حوار طويل غير انّه لم يثن الحسين عن غايته، لذلك انجذب إليه
قائد الجيش الأمويّ «الحرّ» و جاهد ما استطاع دونه و دون آل بيته من النساء و
الأطفال حتى ضرّج بدمه.
و هكذا سائر أصحاب
الامام و أنصاره- مسلم بن عوسجة، و برير، و زهير، و حبيب، و ...- تابعوه في مسيرة
الشهادة، و المواقف الصامدة و البطولية التي وقفوها أمام الموت المحقّق، فصمدوا و
استشهدوا، و ضربوا أروع الأمثلة في التضحية و الفداء في سبيل نصرة إمام زمانهم
الحسين عليه السلام.
و تشابكت الأحداث و
تعقّدت، ثم مرّت بسرعة، و إذا بالحسين مخضّب بدمه،