في كربلاء، لم يحد عن صراطه السويّ، فلم يهادن الظالمين، و لم
يستسلم للباطل، و لم يبايع، و إنّما خرج ثائرا على كلّ ذلك، لإصلاح أمّة جدّه، و
ليجدّد إسلام الامّة الّتي انقلبت على أعقابها، فيجعلها خير أمّة اخرجت للناس.
فكان عاشوراء اختضاب
الأرض بالدم الحسيني مرّة، و لكنّه سيظلّ زينة السماء الداعية إلى الحرية الحمراء،
قبل كلّ شروق، و بعد كلّ غروب ...
و مع استشهاد الامام
الحسين عليه السلام تيقّظت ضمائر أبناء الامّة، و انتشر حبّ آل النبيّ صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم في صفوفهم، و تحرّك الأئمّة عليهم السلام واحدا تلو الآخر في
سبيل نشر المبادئ الّتي ثار من أجلها الحسين عليه السلام، و توالت الثورات الشيعية
الّتي تطالب بالثأر من قتلة الحسين ... فكانت ثورة المختار رحمه اللّه، و ثورة
التوّابين، و عشرات الثورات الاخرى، و أخذ العلماء و الخطباء و أهل السير بالحديث
عن الثورة و الماسي الّتي رافقتها.
و أضحى يوم عاشوراء رمزا
لكلّ المحرومين و الثائرين ضدّ الظلم و الطغيان في كلّ مكان و زمان، و ألّفت مئات
الكتاب الّتي تحدّثت عن وقائع ثورة الحسين «ع».
و من هذه الكتاب القيّمة
هذا الكتاب الّذي بين يديك- عزيزي القارئ- و هو «تسلية المجالس و زينة المجالس»
المسمّى ب «مقتل الحسين عليه السلام» للسيّد العالم الأديب محمد بن أبي طالب
الحسيني الكركي الحائري رحمه اللّه، و قد حوى على مقدّمة و مجالس عشرة، تطرّق
المؤلّف في مقدّمته لبعض فضائل أهل البيت عليهم السلام، و ردّ بعض الأحاديث الّتي
وضعها الأمويّون، و بالأخصّ في حكم معاوية، و الّتي حاولت الرفع من منزلة الصحابة،
و الحطّ من شخصيّة الإمام عليّ عليه السلام و أئمّة أهل البيت عليهم السلام.
و قد تصدّى الفاضل فارس
حسّون كريم لتحقيق هذا السفر القيّم، ليخرجه لمحبّي أهل البيت من زوايا المكتبات،
بعد أن تحمّل جهودا مضنية في الحصول على نسخة الكتاب النفيسة، و استنساخها، و
مراجعة عشرات المصادر من أجل تثبيت الخبر الصحيح، فجزاء اللّه خير جزاء المحسنين.