الحمد للّه ربّ
العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين محمد و على آله الأطياب الأخيار.
و بعد:
ففي عام 11 للهجرة أفل النور
المقدّس من الأرض، ذلك النور الذي بعثه اللّه بشيرا و نذيرا للعالمين، و قبل أن
يوارى جثمانه الثرى بدأ خطّ الانحراف عن الرسالة التي جاء بها الرسول الأكرم صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم، فكانت وفاته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حدّا فاصلا
بين عهدين يختلفان كلّ الاختلاف، فذاك عهد اتّسم بالايمان و الصدق و الرحمة، و هذا
عهد الانقلاب على الأعقاب، و كأنّ القوم أبوا إلّا أن يطبقوا الوعد الإلهي (أَ فَإِنْ
ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ...).
و كان من نتائج هذا
الانحراف هو انقسام الامة إلى قسمين:
أحدهما: محب لأهل البيت
عليهم السلام موال لهم، و ملتزم بنهجهم الّذي وضعوه، منكر لخطّ الانحراف و لمبدإ
السقيفة في الحكم.
و الثاني: خطّ أصحاب
المصالح و الهمج الرعاع، و الّذي شمل إضافة إلى أتباع الشيخين، الحزب الأمويّ و
الخوارج الّذين أردوا أمير المؤمنين عليه السلام شهيدا في محرابه، و استولى على
الحكم معاوية بعد أن ارغم الامام الحسن عليه السلام على الصالح معه لأسباب معروفة.
و مات معاوية و هو يوصي
ابنه يزيد بأن يبادر إلى أخذ البيعة من جماعة، و خصّ بالذكر الإمام الحسين بن علي
عليه السلام.
و استلم يزيد الخلافة بعد
أبيه، و هو ليس أهلا للحكومة فضلا عن خلافة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،
فإنّ بعض التأمّل في شخصيّة هذا الرجل و في بعض ذاتياته و ممارساته من خلال ما
أوردته كتب التاريخ و السير عن فترة حكمه القصيرة، يظهر