يقينه، و توّجه بتاج (إِنَّما وَلِيُّكُمُ)[1]، و نفعه نحلة (وَ أَنَّ
هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ
بِكُمْ)[2]، و جعل له
الرئاسة العامّة في خلقه، و قرن طاعته بطاعته، و حقّه بحقّه، و أثبت في ديوان
الصفيح الأعلى منشور عموم ولايته، و وقّع بيد القدرة العليا توقيع شمول خلافته،
يطالع رهبان صوامع العالم الأشرف في اللوح المحفوظ أحرف صفاته، و يصغي بصماخ
توجّهاتها إلى لذيذ مناجاته، فتحتقر شدّة كدحها في طاعة ربّها في حبّ طاعته، و ترى
عبادتها لمبدعها كالقطرة في اليمّ في جانب عبادته.
باهى اللّه به ليلة
الفراش[3] أمينيه
جبرئيل و ميكائيل، و ناداهما بلسان الابتلاء و هو العالم من أفعال عباده بكلّ دقيق
و جليل: إنّي قد جعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيّكما يؤثر أخاه بالزيادة؟
فكلّ منهما بخل ببذل الزيادة لأخيه، و تلكّأ عن جواب صانعه و منشيه، فأوحى إليهما:
هلّا كنتما كابن أبي طالب؟! فإنّه آثر أخاه بالبقيّة من أجله، و بات مستاقا[4] بسيوف
الأعداء من أجله، اهبطا إلى الأرض فاحسنا كلاءته و حفظه، و امنعاه من كيد عدوّه في
حالتي المنام و اليقظة.
و كذلك يوم احد و قد
ولّوا الأدبار، و اعتصموا بالفرار، و أسلموا الرسول إلى الجبن، و لم يعد بعضهم
إلّا بعد يومين، هذا و وليّ اللّه يتلقّى عنه السيوف
[3] حديث مبيت أمير المؤمنين علي عليه السلام على
فراش رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من الأحاديث المتواترة و المشهورة، انظر:
الفصول المائة في حياة أبي الأئمّة: 1/ 227- 263 فقد أوفى الكلام في هذا الحديث.