تعصّبت عصب الضلالة لقتاله، و تحزّبت أحزاب الجهالة لاغتياله،
و ضربت إلى حربه بطون رواحلها، و أجلبت على هظمه بأبطال كفرها و باطلها.
فتبّا لها من أمّة الغدر
شعارها، و المكر دثارها، و النفاق قرينها، و الشقاق حديثها، خسرت صفقتها، و كسدت
تجارتها، فما أضمى فيها، و ظمي ريّها، و أضلّ سعيها، و أشقى ميّتها و حيّها، تاهت
في بيداء حيرتها، و غرقت في متلاطم شقوتها، و زيّن الشيطان لها سوء فعلها، و
دلّاها بغروره فأوقعها في ورطة جهلها.
أ فهذا كان جزاء نعمة
ربّها عليها، و مننه إليها؟! إذ أقام لها وليّا من أوليائه يثقف[1] أودها، و
يقوّم عوجها، و يوضح بها الدليل، و يهديها سواء السبيل، أن تشنّ عليه غاراتها، و
تطلبه بنزّاتها[2]، و تقصده
في نفسه و عترته، و تغمّده في حفدته و شيعته، و تنصب له الغوائل، و تضمي منه
المقاتل، و أن تتقدّمه أوغادها سامريّها و عجلها، و أن تجلب مرافقها عليه بخيلها و
رجلها، و أن تجمع فسّاقها على حربه في صفّينها و جملها، و أن تنكر فجّارها ما بيّن
الرسول من قربه بتفضيلها و جملها.
و هكذا لم يزل الدنيّ
يحسد العليّ، و الطفيف يحسد الشريف، و الباخل يحسد الباذل، و اللئيم يحسد الكريم،
و الأوغاد تتقدّم الأمجاد، و الناس أميل في أشكالهم، و أشبه بأمثالهم، أتباع كلّ
ناعق، و أشياع كلّ زاهق، العلم أكسد بضاعة تجبى إليهم، و الكتاب أنكد كلمة تتلى
عليهم، يبدّلونه بأهوائهم،
[1] الأود: العوج، و الثقاف: هو تقويم المعوج.«
لسان العرب: 3/ 75- أود-».
[2] قتلته النزّة: أي الشهوة.« لسان العرب: 5/
417- نزز-».
و التنزّي: التوثّب و التسرّع ...
و الانتزاء و التّنزّي أيضا: تسرّع الإنسان إلى الشرّ.« لسان العرب: 15/ 320-
نزا-».