و يلحدون في آياته، و يكذّبون بيّناته، و يتّبعون ما تشابه
منه ابتغاء الفتنة[1]، و يقصدون
من سفه أحلامهم لتبديلهم بكلّ حجّة، و لما روى صلوات اللّه عليه شدّة شكيمتهم، و
خبث عقيدتهم، يحرّفون الكلم عن مواضعه، و يعدلون بالحقّ عن مواقعه، لا يجيبون
صوته، و لا يرهبون سوطه، و لا يستجيبون لدعائه، و لا يجعلون بندائه، فبرم من
صحبتهم، و تظلّم من معصيتهم، و شكاهم إلى اللّه في خطبه و نثره، و استعدى عليهم
اللّه في سرّه و جهره.
كقوله صلوات اللّه عليه:
اللّهمّ إنّي قد مللتهم
و ملّوني، و سئمتهم و سئموني، فأبدلني بهم خيرا منهم، و أبدلهم بي شرّا منّي.
أيّها القوم الشاهدة
أبدانهم[4]، الغائبة
عنهم عقولهم، المختلفة أهواؤهم، المبتلى بهم امراؤهم، صاحبكم يطيع اللّه و أنتم
تعصونه، و صاحب أهل الشام يعصي اللّه و هم يطيعونه، لوددت- و اللّه- أنّ معاوية
صارفني بكم صرف الديا نار بالدرهم، فأخذ منّي عشرة منكم و أعطاني رجلا منهم!
يا أهل الكوفة، منيت
منكم بثلاث و اثنتين: صمّ ذوو أسماع، و بكم ذوو كلام، و عمي ذوو أبصار، لا أحرار
صدق عند اللقاء، و لا إخوان ثقة